رد أبي محمد عن أمرين فإن أحببت أن تخرج إليه وإلا فافتد نفسك منه! فقال: علي عشرة آلاف قال لا يقنعه فما زال يزيد عشرة عشرة والمأمون يقول لا يقنعه حتى بلغ مائة ألف، فقال له المأمون فجعلها فكتب بها إلى وكيله ووجه معه رسولا وأرسل إليه المأمون قبض هذه الدراهم في هذه الساعة أصلح من منادمته وانفع لك.
وقال عمارة بن عقيل قال لي عبد الله بن أبي السمط أعلمت أن المأمون لا يبصر الشعر قلت ومن يكون أعلم منه فوالله إنا لننشده أول البيت فيسبقنا إلى آخره قال إني أنشدته بيتا أجدت فيه فلم يتحرك له قلت: وما هو؟ قال:
(أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا * بالدين والناس بالدنيا مشاغيل) قال فقلت والله ما صنعت شيئا هل زدت على أن جعلته عجوزا في محرابها فإذن من الذي يقوم بأمر الدنيا إذا تشاغل عنها وهو المطوق بها ألا قلت كما قال جدي جرير في عبد العزيز بن الوليد:
(فلا هو في الدنيا يضيع نصيبه * ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله) فقال: الآن علمت أني قد أخطأت.
قال أبو العباس أحمد بن عبد الله بن عمار كان المأمون شديد الميل إلى العلويين والإحسان إليهم وخبره مشهور معهم وكان يفعل ذلك طبعا لا تكلفا فمن ذلك أنه توفي في أيامه