سمي أهل عملك رعيتك لأنك راعيهم وقيمهم تأخذ منهم ما أعطوك من عفوهم ومقدرتهم وتنفذه في قوام أمرهم وصلاحهم وتقويم أودهم فاستعمل عليهم ذوي الرأي والتدبير والتجربة والخبرة بالعمل والعلم بالسياسة والعفاف ووسع عليهم في الرزق فان ذلك من الحقوق اللازمة لك فيما تقلدت واسند إليك ولا يشغلك عنه شاغل ولا يصرفك عنه صارف فإنك متى آثرته وقمت فيه بالواجب استدعيت به زيادة النعمة من ربك وحسن الأحدوثة في عملك وأحرزت به المحبة من رعيتك وأعنت على الصلاح ودرت الخيرات في بلدك وفشت العمارة بناحيتك وظهر الخصب في كورك وكثر خراجك وتوفرت أموالك وقويت بذلك على ارتباط جندك وارضاء العامة بإفاضة العطاء فيهم من نفسك وكنت محمود السياسة مرضى العدل في ذلك عند عدوك وكنت في أمورك كلها ذا عدل وآلة وقوة وعدة فنافس في ذلك ولا تقدم عليه شيئا تحمد فيه مغبة أمرك إن شاء الله تعالى.
واجعل في كل كورة من عملك أمينا يخبرك أخبار عمالك ويكتب إليك بسيرتهم وأعمالهم حتى كأنك مع كل عامل فيعمله معاين لأموره كلها فان أردت أن تأمرهم بأمر فانظر في عواقب ما أردت من ذلك فان رأيت السلامة فيه والعافية ورجوت فيه حسن الدفاع والصنع فامضه وإلا فتوقف عنه وراجع أهل البصيرة والعلم به ثم خذ فيه