فشغب أصحاب العباس بن موسى على من بقي من أصحاب سعيد وقاتلوهم فانهزم أصحاب سعيد إلى الخندق ونهب أصحاب العباس دور عيسى بن موسى وأحرقوا وقتلوا من ظفروا به.
فأرسل العباسيون إلى سعيد وهو بالحيرة يخبرونه أن العباس بن موسى قد رجع عن الأمان فركب سعيد وأصحابه وأتوا الكوفة عتمة فقتلوا من ظفروا به ممن انتهب وأحرقوا ما معهم من النهب فمكثوا عامة الليل فخرج إليهم رؤساء الكوفة فأعلموهم أن هذا فعل الغوغاء وأن العباس لم يرجع عن الأمان فانصرفوا عنه.
فلما كان الغد دخلها سعيد وأبو البط ونادوا بالأمان ولم يعرضوا إلى أحد وولوا على الكوفة الفضل بن محمد بن الصباح الكندي ثم عزلوه لميله إلى أهل بلده واستعملوا مكانه غسان بن أبي الفرج ثم عزلوه بعد ما قتل أبا عبد الله أخا أبي السرايا واستعملوا الهول ابن أخي سعيد فلم يزل عليها حتى قدمها حميد بن عبد الحميد فهرب الهول.
وأمر إبراهيم بن المهدي عيسى بن محمد أن يسير إلى ناحية واسط على طريق النيل وأمر ابن عائشة الهاشمي ونعيم بن حازم أن يسيرا جميعا ولحق بهما سعيد وأبو البط والإفريقي وعسكروا جميعا بالصيادة قرب واسط عليهم جميعا عيسى بن محمد فكانوا يركبون ويأتون عسكر الحسن بواسط فلا يخرج إليهم منهم أحد وهم متحصنون بالمدينة.
ثم إن الحسن أمر أصحابه بالخروج إليهم لأربع بقين من رجب فاقتتلوا قتالا شديدا إلى الظهر وانهزم عيسى أصحابه حتى بلغوا طرنايا والنيل وغنموا عسكر عيسى وما فيه.