ففعل ذلك الرجل ما أمر ذو الرياستين، فأمر الأمين بن ماهان بالمسير.
وقيل: كان سببه أن عليا قال للأمين إن أهل خراسان كتبوا إليه يذكرون أنه إن قصدهم هو أطاعوه وانقادوا له وإن كان غيره فلا فأمره بالمسير وأقطعه كور الجبل كلها نهاوند وهمذان وقم وأصبهان وغير ذلك، [وولاه] حربها وخراجها وأعطاه الأموال وحكمه في الخزائن وجهز معه خمسين ألف دارس وكتب إلى أبي دلف القاسم بن إدريس بن عيسى العجلي وهلال بن عبد الله الحضرمي بالانضمام إليه وأمده بالأموال والرجال شيئا بعد شيء.
فلما عزم على المسير من بغداد ركب إلى باب زبيدة أم الأمين ليودعها فقالت له يا علي إن أمير المؤمنين [و] إن كان ولدي واليه انتهت شفقتي فإني على عبد الله منعطفة مشفقة لما يحدث عليه من مكروه وأذى وإنما ابني ملك نافس أخاه في سلطانه [وغاره على ما في يده]، والكريم يأكل لحمه ويميقه غيره فاعرف لعبد الله حق ولادته وأخوته ولا تجبهه بالكلام فإنك لست [له] بنظير، ولا تقتسره اقتسار العبيد ولا توهنه بقيد ولا غل ولا تمنع عنه جارية ولا خادما ولا تعنف عليه في السير ولا تساوه في المسير ولا تركب قبله وخذ بركابه وان شتمك فاحتمل منه.
ثم دفعت إليه قيدا من فضة وقالت إن صار إليك فقيده بهذا القيد فقال لها: يأفعل مثل ما أمرت.
ثم خرج علي بن عيسى في شعبان وركب الأمين يشيعه ومعه القواد والجنود وذكر مشايخ بغداد أنهم لم يروا عسكرا أكثر رجالا، وأفره