منها وانتقاض بعضها فذلك الفكر أوجب هذه الرؤيا.
فقال كان ذلك فأمرته باللهو والانبساط ففعل ونسينا الرؤيا وكالت الأيام ثم سار إلى خراسان لحرب رافع فما صار ببعض الطريق ابتدأت به العلة فلم تزل تزيد حتى دخلنا طوس فبينا هو يمرض في بستان في ذلك القصر الذي هو فيه إذ ذكر تلك الرؤيا فوثب متحاملا يقوم ويسقط فاجتمعنا [إليه] نسأله، فقال أتذكر رؤياي بالرقة في طوس ثم رفع رأسه إلى مسرور فقال جئني من تربة هذا البستان فأتاه بها في كفه حاسرا عن ذراعيه فلما نظر إليه قال هذه والله الذراع التي رأيتها في منامي وهذه الكف بعينها وهذه التربة الحمراء ما خرمت شيئا وأقبل على البكاء والنحيب ثم مات بعد ثلاثة.
قال أبو جعفر لما سار الرشيد عن بغداد إلى خراسان بلغ جرجان في صفر وقد اشتدت علته فسير ابنه المأمون إلى مرو وسير معه من القواد عبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ وأسد بن يزيد والعباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث والسندي الحرشي ونعيم بن حازم وسار الرشيد إلى طوس واشتد به الوجع حتى ضعف عن الحركة فلما أثقل أرجف به الناس فبلغه ذلك فأمر بمركوب ليركبه ليراه الناس فأتي بفرس فلم يقدر على النهوض فأتي ببرذون فلم يطق النهوض فأتي بحمار فلم ينهض فقال ردوني ردوني صدق والله الناس.
ووصل إليه وهو بطوس بشير بن الليث أخو رافع وأسيرا فقال الرشيد والله لو لم يبق من أجلي إلا أن أحرك شفتي بكلمة فقلت اقتلوه ثم دعا بقصاب فأمر به ففصل أعضاءه فلما فرغ منه أغمي عليه وتفرق الناس عنه.