عقوبتي في الآخرة. فاستجيب له.
فلما انصرفوا من الحج ونزلوا الأنبار ونزل الرشيد العمر نكبهم.
وكان أول ما ظهر من فساد حالهم أن علي بنت عيسى بن ماهان سعى بموسى بن يحيى بن خالد واتهمه في أمر خراسان وأعلم الرشيد أنه يكاتبهم ليسير إليهم ويخرجهم عن الطاعة فحبسه ثم أطلقه.
وكان يحيى بن خالد يدخل على الرشيد بغير إذن فدخل عليه يوما وعنده جبرائيل بن بختيشوع الطبيب فسلم فرد الرشيد ردا ضعيفا ثم أقبل الرشيد على جبرائيل فقال أيدخل عليك منزلك أحد بغير إذن فقال لا! قال فما بالنا يدخل علينا بغير إذن فقال يحيى يا أمير المؤمنين ما ابتدأت ذلك الساعة ولكن أمير المؤمنين خصني به حتى إن كنت لأدخل وهو في فراشه مجردا حينا وحينا في بعض إزاره وما علمت أن أمير المؤمنين كره ما كان يحب فإذا قد علمت فإني سأكون [عنده] في الطبقة التي يجعلني فيها فاستحيى هارون وكان من أرق الخلفاء وجها وعيناه في الأرض ما يرفع إليه طرفه وقال ما أردت ما تكره.
وكان يحيى إذا دخل على الرشيد قام له الغلمان فقال الرشيد لمسرور مر الغلمان لا يقومون ليحيى إذا دخل الدار فدخلها فلم يقوموا فتغير لونه وكانوا بعد ذلك إذا رأوه أعرضوا عنه.
فلما رجع الرشيد من الحج نزل العمر الذي عند الأنبار سلخ المحرم وأرسل مسرورا الخادم ومعه جماعة من الجند إلى جعفر ليلا وعنده ابن بختيشوع الطبيب وأبو زكار المغني وهو في لهوه وأبو زكار يغني:
(فلا تبعد فكل فتى سيأتي * عليه الموت يطرق أو يغادي)