وأما هاشم بن عتبة فإنه دعا الناس عند المساء وقال ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فإلي فأقبل إليه ناس كثير فحمل علي أهل الشام مرارا ويصبرون له وقاتل قتالا شديدا وقال لأصحابه لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فوالله ما هو إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتهم وإنهم لعلي الضلال وإنكم لعلي الحق ثم حرض أصحابه وحمل في عصابة من القراء فقاتل قتالا شديدا حتى رأوا بعض ما يسرون به فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم شاب وهو يقول:
(أنا ابن أرباب الملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان) (نبأنا قراؤنا بما كان * أن عليا قتل ابن عفان) ثم يحمل فلا يرجع حتى يضرب بسيفه ويشتم ويلعن فقال له هاشم يا هذا إن هذا الكلام بعده الخصام وإن هذا القتال بعده الحساب فاتق الله فإنه سائلك عن هذا الموقف وما أردت به قال فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي وأنتم لا تصلون وإن صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم ساعدتموه علي قتله فقال له هاشم ما أنت وعثمان أقتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبناء أصحابه وقراء الناس وهم أهل الدين والعلم وما أهملوا أمر هذا الدين طرفة عين وأما قولك إن صاحبنا لا يصلي فإنه أول من صلى وأفقه خلق الله في دين الله وأولي بالرسول صلى الله عليه وسلم وأما كل من تري معي فكلهم قارئ لكتاب الله لا ينام الليل تهجدا فلا يغوينك هؤلاء الأشقياء فقال الفتي فهل لي من توبة قال نعم تب إلى الله يتب عليك فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فرجع الفتي فقال له أهل الشام خدعك العراقي فقال كلا ولكن نصح لي وقاتل هاشم وأصحابه قتالا شديدا حتى رأوا الظفر فأقبلت عليهم عند المغرب كتيبة لتنوخ فقاتلهم هاشم وهو يقول: