ولما فتح عبد الله مدينة سبيطلة بث جيوشه في البلاد فبلغت قفصة فسبوا وغنموا وسير عسكرا إلى حصن الأجم، وقد احتمى به أهل تلك البلاد فحصره وفتحه بالأمان فصالحه أهل إفريقية على ألفي ألف وخمسمائة ألف دينار، ونفل عبد الله بن الزبير ابنة الملك وأرسله إلى عثمان بالبشارة بفتح إفريقية. وقيل: إن ابنة الملك وقعت لرجل من الأنصار فأركبها بعيرا وارتجز بها يقول:
يا ابنة جرجير تمشي عقبتك * إن عليك بالحجاز ربتك لتحملن من قباء قربتك ثم إن عبد الله بن سعد عاد من إفريقية إلى مصر وكان مقامه بإفريقية سنة وثلاثة أشهر ولم يفقد من المسلمين إلا ثلاثة نفر قتل منهم أبو ذؤيب الهذلي الشاعر فدفن هناك، وحمل خمس إفريقية إلى المدينة فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار فوضعها عنه عثمان، وكان هذا مما أخذ عليه.
وهذا أحسن ما قيل في خمس إفريقية فإن بعض الناس يقول: أعطن عثمان خمس إفريقية عبد الله بن سعد، وبعضهم يقول: أعطاه مروان بن الحكم، وظهر بهذا أنه أعطى عبد الله خمس الغزوة الأولى وأعطى مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت فيها جميع إفريقية والله أعلم.
ذكر انتقاض إفريقية وفتحها ثانية كان هرقل ملك القسطنطينية يؤدي إليه كل ملك من ملوك النصارى الخراج من إفريقية، ومصر، والأندلس، وغير ذلك فلما صالح أهل إفريقية