ذكر رجوع علي إلى الكوفة ولما فرغ علي من أهل النهر حمد الله وأثني عليه وقال إن الله قد أحسن بكم وأعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم قالوا يا أمير المؤمنين نفذت نبالنا وكلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصدا فرجع إلى مصرنا فلنستعد ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا فإنه أقوي لنا علي عدونا وكان الذي تولي كلامه الأشعث بن قيس فأقبل حتى نزل النخيلة فأمر الناس أن يلزموا عسكرهم ويوطنوا علي الجهاد أنفسهم وأن يقلوا زيارة أبنائهم ونسائهم حتى يسيروا إلى عدوهم فأقاموا فيه أياما ثم تسللوا من معسكرهم فدخلوا إلا رجالا من وجوه الناس وترك المعسكر خاليا فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير وقال لهم أيضا أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدوكم ومن في جهاده القربة إلى الله عز وجل ودرك الوسيلة عنده حيارى عن الحق جفاة عن الكتاب يعمهون في طغيانهم فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وتوكلوا علي الله وكفي بالله وكيلا وكفي بالله نصيرا فلم ينفروا ولا تيسروا فتركهم أياما حتى إذا أيس من أن يفعلوا دعا رؤساءهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي يبطئ بهم فمنهم المعتل ومنهم المتكره وأقلهم من نشط.
فقام فيهم فقال: عباد الله ما بالكم إذا أمرتكم أن تنفروا (اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة من الآخرة) وبالذل والهوان من