يرجع إلى مال ولا ولد فأتاه عصابة فقال اقصدوا بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون دم عثمان والله ما أرادوا الطلب بدمه ولكنهم ذاقوا الدنيا واستحبوها وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه منها ولم يكن لهم سابقة يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم فخدعوا أتباعهم وقالوا إمامنا قتل مظلوما ليكونوا بذلك جبابرة ملوكا فبلغوا ما ترون فلولا هذا ما تبعهم من الناس رجلان اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت وإن تجعل لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الأليم.
ثم مضي ومعه تلك العصابة فكان لا يمر بواد من أودية صفين إلا تبعه من كان هناك من أصحاب النبي ثم جاء هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وهو المرقال وكان صاحب راية علي وكان أعور فقال يا هاشم أعور وجبنا لا خير في أعور لا يغشي البأس اركب يا هاشم فركب ومضي معه وهو يقول:
(أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملأ) (لا بد أن يفل أو يفلا * يتلهم بذي الكعوب تلا) وعمار يقول تقدم يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف والموت تحت أطراف الأسل وقد فتحت أبواب السماء وتزينت الحور العين: (اليوم ألقي الأحبة * محمدا وحزبه)، وتقدم حتى دنا من عمرو بن العاص فقال له يا عمرو بعت دينك بدنياك بمصر تبا لك فقال له لا ولكن أطلب بدم عثمان قال أنا أشهد علي علمي فيك أنك لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله وإنك إن لم تقتل اليوم تمت غدا فانظر إذا أعطي الناس علي قدر نياتهم ما نيتك لقد قاتلت صاحبك هذه الراية ثلاثا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الرابعة ما هي بأبر وأتقي ثم قاتل عمار فلم يرجع وقتل.