يبق لأهل الشام صف إلا انتقض وقتلوا كل من انتهوا إليه حتى بلغوا معاوية وعلي يقول:
(أقتلهم ولا أرى معاوية * الجاحظ العين العظيم الحاوية) ثم نادى معاوية فقال علام يقتتل الناس بيننا هلم أحاكمك إلى الله فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور فقال له عمرو أنصفك فقال له معاوية ما أنصفت إنك لتعلم أنه لم يبرز له أحد إلا قتله فقال له عمر ما يحسن بك ترك مبارزته فقال له معاوية طمعت فيها بعدي وكان أصحاب علي قد وكلوا به رجلين يحافظانه لئلا يقاتل وكان يحمل إذا غفلا فلا يرجع حتى يخضب سيفه وإنه حمل مرة فلم يرجع حتى أنثني سيفه فألقاه إليهم وقال لولا أنه أنثني ما رجعت إليكم فقال الأعمش لأبي عبد الرحمن هذا والله ضرب غير مرتاب فقال أبو عبد الرحمن سمع القوم شيئا فأدوه ما كانوا بكاذبين.
وأسر معاوية جماعة من أصحاب علي فقال له عمرو اقتلهم فقال عمرو بن أوس الأودي لا تقتلني فإنك خالي قال من أين أنا خالك ولم يكن بيننا أود مصاهرة قال إن أخبرتك فهو أماني عندك قال نعم قال أليست أختك أم حبيبة زوج النبي قال بلي قال فإني ابنها وأنت أخوها فأنت خالي فقال معاوية ما له لله أبوه أما كان في هؤلاء من يفطن لها غيره وخلي سبيله وكان قد أسر علي أساري كثيرة فخلي سبيلهم فجاؤوا معاوية وإن عمرا ليقول له وقد أسر أيضا أساري كثيرة اقتلهم فلما وصل أصحابهم قال معاوية يا عمرو لو أطعناك في هؤلاء الأسارى لوقعنا في قبيح من الأمر وخلي سبيل من عنده.