وذلك أول يوم توقد عليه النار فأقبلت قبائل الغوث كل قبيلة وعليها رئيسها منهم زيد الخيل وحاتم وأقبلت جديلة مجتمعة على أوس بن حارثة بن لأم وحلف أوس أن لا يرجع عن طيء حتى ينزل معها جبليها أجأ وسلمى وتجبى له أهلها وتزاحفوا والتقوا بقارات حوق على راياتهم فاقتتلوا قتالا شديدا ودارت الحرب على بني كباد بن جندب فأبيروا قال عدي بن حاتم إني لواقف يوم اليحاميم والناس يقتتلون إذا نظرت إلى زيد الخيل قد حضر ابنيه مكنفا وحريثا في شعب لا منفذ له وهو يقول أي بني أبقيا على قومكما فإن اليوم يوم التفاني فإن يكن هؤلاء أعماما فهؤلاء أخوال فقلت كأنك كرهت قتال أخوالك قال فاحمرت عيناه غضبا وتطاول إلي حتى نظرت إلى ما تحته من سرجه فخفته فضربت فرسى وتنحيت عنه واشتغل بنظره إلي عن ابنيه فخرجا كالصقرين وحمل قيس بن عازب على بحير بن زيد الخيل بن حارثة بن لأم فضرب على رأسه ضربة عنق لها بحير فرسه وولى فانهزمت جديلة عند ذلك وقتل فيها قتل ذريع فقال زيد الخيل.
(يجيء بني لأم جياد كأنها * عصائب طير يوم طل وحاصب) (فإن تنج منها لا يزل بك شامة * إناء حيا بين الشجا والترائب) (وفر ابن لأم واتقانا بظهره * يردعه بالرمح قيس بن عازب) (وجاءت بنو معن كأن سيوفهم * مصابيح من سقف فليس بآيب) (وما فر حتى أسلم بن حمارس * لوقعة مصقول من البيض قاضب) فلم تبق لجديلة بقية للحرب بعد يوم اليحاميم فدخلوا بلاد كعب فحالفوهم وأقاموا معهم.