حاضرا، وإن كنت المراد فسأطلب فلما جلس النعمان ولم ير أوسا قال اذهبوا إلى أوس فقولوا له احضر آمنا مما خفت فحضر فالبس الحلة فحسده قوم من أهله فقالوا للحطيئة أهجه ولك ثلاثمائة ناقة فقال كيف أهجو رجلا لا أرى في بيتي أثاثا ولا مالا إلا منه! ثم قال:
(كيف الهجاء وما تنفعك صالحة * من أهل لأم بظهر الغيب تأتيني) فقال لهم بشر بن أبي خازم: أنا أهجوه لكم فأعطوه النوق وهجاه فأفحش في هجائه وذكر أمه سعدى فلما عرف أوس ذلك أغار على النوق فاكتسحها وطلبه فهرب منه والتجأ إلى بني أسد عشيرته فمنعوه منه ورأوا تسليمه إليه عارا فجمع أوس جديلة طيئ وسار بهم إلى أسد فالتقوا بظهر الدهناء تلقاء تيم فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت بنو أسد وقتلوا قتلا ذريعا وهرب بشر فجعل لا يأتي حيا يطلب جوارهم ألا امتنع من إجارته على أوس ثم نزل على جندب بن حصن الكلابي بأعلى الصمان فأرسل إليه أوس يطلب منه بشرا. فأرسله إليه. فلما قدم به على أوس أشار عليه قومه بقتله فدخل على أمه سعدى فاستشارها فأشارت أن يرد عليه ماله ويعفو عنه ويحبوه فإنه لا يغسل هجاءه إلا مدحه فقبل ما أشارت به وخرج إليه وقال: يا بشر ما ترى إني اصنع بك؟ فقال:
(إني لأرجو منك يا أوس نعمة * وإني لأخرى منك يا أوس راهب) (وإني لأمحو بالذي أنا صادق * به كل ما قد قلت إذ أنا كاذب) (فهل نافعي في اليوم عندك أنني * سأشكر إن أنعمت والشكر واجب) (فدى لابن سعدي اليوم كل عشيرتي * بني أسد أقصاهم والأقارب) (تداركني أوس بن سعدي بنعمة * وقد أمكنته من يدي العواقب) فمن عليه أوس وحمله على فرس جواده ورد عليه ما كان أخذ منه وأعطاه