أنوشروان: إني كنت تمنيت أمنيتين أرجو أن يكون الله عز وجل قد جمعهما إلي فقال مزدك وما هي أيها الملك قال تمنيت أن أملك وأستعمل هذا الرجل الشريف يعني المنذر وأن أقتل هذه الزنادقة فقال مزدك أو تستطيع أن تقتل الناس كلهم فقال وإنك ههنا يا بن الزانية والله ما ذهب نتن ريح جوربك من أنفي منذ قبلت رجلك إلى يومي هذا وأمر به فقتل وصلب وقتل منهم ما بين جازر إلى النهروان وإلى المدائن في ضحوة واحدة مائة ألف زنديق وصلبهم وسمي يومئذ أنوشروان.
وطلب أنوشروان الحارث بن عمرو فبلغه ذلك وهو بالأنبار فخرج هاربا في صحابته وماله وولده فمر بالنوبة فتبعه المنذر بالخيل من تغلب وإياد وبهراء فلحق بأرض كلب ونجا وانتهبوا ماله وهجائنه وأخذت بنو تغلب ثمانية وأربعين نفسا من بني آكل المرار فقدموا بهم على المنذر فضرب رقابهم بحفر الأميال في ديار بني مرين العباديين بين دير بني هند والكوفة فذلك قول عمرو بن كلثوم:
(فآبوا بالنهاب وبالسبايا * وابنا بالملوك مصفدينا) وفيهم يقول امرؤ القيس:
(ملوك من بني حجر بن عمرو * يساقون العشية يقتلونا) (فلو في يوم معركة أصيبوا * ولكن في ديار بني مرينا) (ولم تغسل جماجمهم بغسل * ولكن في الدماء مرملينا) (تظل الطير عاكفة عليهم * وتنتزع الحواجب والعيونا) ولما قتل أنوشروان مزدك وأصحابه أمر بقتل جماعة ممن دخل على الناس