ثم قال: الله أعم الجن عن موتي حتى يعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب.
وكان سليمان يتجرد للعبادة في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل وأكثر يدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي توفي فيها فبينما هو قائم يصلي متوكئا على عصاه أدركه أجله فمات ولا تعلم به الشياطين ولا الجن وهم في ذلك يعملون خوفا منه فأكلت الأرض عصاه فانكسرت فسقط فعلموا أنه قد مات وعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب ولو علموا الغيب (ما لبثوا في العذاب المهين) ومقاساة الأعمال الشاقة.
ولما سقط أراد بنو إسرائيل أن يعلموا منذ كم مات فوضعوا الأرضة على العصا يوما وليلة فأكلت منها فحسبوا بنسبة فكان أكل تلك العصا في سنة. ثم إن الشياطين قالوا للأرضة لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين الشراب لأتيناك بأطيب الشراب ولكنا سننقل لك الماء والطين فهم ينقلون إليها حيث كانت ألم تر إلى الطين يكون في وسط الخشبة فهو ما ينقلونه لها.
قيل إن الجن والشياطين شكوا ما يلحقهم من التعب والنصب إلى بعض أولي التجربة منهم وقيل كان إبليس فقال لهم ألستم تنصرفون بأحمال وتعودون بغير أحمال قالوا بلى قال فلكم في كل ذلك راحة فحملت الريح الكلام فألقته في أذن سليمان فأمر الموكلين به أنهم إذا جاؤوا بالأحمال والآلات التي يبني بها إلى موضع البناء والعمل يحملهم من هناك في عودتهم