وكان الهدهد قد مر على قصر بلقيس فرأى بستانا لها خلف قصرها فمال إلى الخضرة فرأى فيه هدهدا فقال له أين أنت عن سليمان وما تصنع ههنا فقال له ومن سليمان فذكر له حاله وما سخر له من الطير وغيره فعجب من ذلك فقال له هدهد سليمان وأعجب من ذلك أن كثرة هؤلاء القوم تملكهم امرأة (وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم) وجعلوا الشكر لله أن سجدوا للشمس من دونه وكان عرشها سريرا من ذهب مكلل بالجواهر النفيسة من اليواقيت والزبرجد واللؤلؤ.
ثم إن الهدهد عاد إلى سليمان فأخبره بعذره في تأخيره فقال له اذهب بكتابي هذا فألقه إليها فوافاها وهي في قصرها فألقاه في حجرها فأخذته وقرأته وأحضرت قومها وقالت (إني ألقي إلى كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون).
(قالوا: نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) قالت (إني مرسلة إليهم بهدية) فإن قبلها فهو من ملوك الدنيا فنحن أعز منه وأقوى وإن لم يقبلها فهو نبي من الله.