ب: إن بلغت ما تطلب أن تحتطب لنار إبراهيم حتى إذا أرادوا أن يلقوه فيها قدموه وأشعلوا النار حتى فلما أجمعوا لقذفه فيها صاحت السماء والأرض وما فيها [من الخلق] الا الثقلين إلى الله صيحة واحدة: أي ربنا! إبراهيم ليس في أرضك من يعبدك غيره يحرق بالنار فيك فإذن لنا في نصره قال الله تعالى: إن استغاث بشئ منكم فلينصره وإن يدع غيري فأنا له فلما رفعوه على رأس البنيان رفع إلى السماء وقال: اللهم أنت الواحد في السماء وأنت الواحد في الأرض حسبي الله ونعم الوكيل. وعرض له جبريل وهو يوثق فقال: ألك حاجة يا إبراهيم قال: أما إليك فلا فقذفوه في النار فناداها الله فقال: (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) وقيل: ناداها جبريل، فلو لم يتبع بردها سلام لمات إبراهيم من شدة بردها فلم يبق يومئذ نار إلا طفئت ظنت أنها هي وبعث الله ملك الظل في صورة إبراهيم فقعد فيها إلى جنبه يؤنسه.
فمكث نمرود أياما لا يشك أن النار قد أكلت إبراهيم فرأى كأنه نظر فيها وهي يحرق بعضها بعضا وإبراهيم جالس إلى جنبه رجل مثله فقال لقومه: لقد رأيت كأن إبراهيم حي ولقد شبه علي ابنوا لي صرحا يشرف بي على النار فبنوا له وأشرف منه فرأى إبراهيم جالسا والى جانبه رجل في صورته فناداه نمرود يا إبراهيم إن كبير إلهك الذي بلغت قدرته وعزته أن حال بينك وبين ما أرى هل تستطيع أن تخرج منها؟ قال: نعم.