بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاما بين يدي آلهتهم وقالوا: نترك الآلهة إلى حين نرجع فتأكله فلما نظر إبراهيم إلى ما بين أيديهم من الطعام قال: (ألا تأكلون؟) فلما لم يجبه أحد قال: ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فكسرها بفأس في يده حتى إذا بقي أعظم صنم منها ربط الفأس بيده ثم تركهن.
فلما رجع قومه ورأوا ما فعل بأصنامهم راعهم ذلك وأعظموه وقالوا: (من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا: سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) يعنون يسبها ويعيبها ولم نسمع ذلك من غيره وهو الذي نظنه صنع بها هذا وبلغ ذلك نمرود وأشرف قومه فقالوا: (فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون) ما نفعل به وقيل يشهدون عليه كرهوا أن يأخذوه بغير بينة فلما أتى به واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود وقالوا: (أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) غضب من أن تعبدوا هذه الصغار وهو أكبر منها فكسرها فارعووا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسرها إلى أنفسهم فيما بينهم فقالوا، لقد ظلمناه وما نراه إلا كما قال ثم قالوا وعرفوا أنها لا تضر ولا تبطش: (لقد علمت ما هؤلاء ينطقون)،