ذلك وهم في دار الحرب قبل أن ينتهوا إلى دار الاسلام فلا ضمان عليهم في شئ من ذلك، سواء تلفت بعملهم أو بغير عملهم.
لانهم لو استهلكوا الغنائم في دار الحرب (ص 285) لم يضمنوها، باعتبار أن الحق لم يتأكد فيها للغانمين بعد.
وإن كان ذلك بعد ما وصلوا إلى دار الاسلام فحالهم كحال الأجير المشترك.
وقد بينا في " شرح المختصر (1) " أن ما تلف في يد الأجير المشترك بغير صنعه لم يكن عليه ضمانه في قول أبي حنيفة رحمه الله، سواء تلف بسبب يتأتى الاحتراز عنه أو لا يتأتى. وعندهما هو ضامن له، إلا أن يتلف بسبب لا يمكن الاحتراز عنه. وما تلف بجناية يده فهو ضامن له في قول علمائنا الثلاثة، بمنزلة ما لو استهلكه، فهاهنا أيضا ما عطب بسياقهم أو بتناطحها (2) فذلك من جناية يد الاجراء، فعليهم ضمان قيمة ذلك.
ولكن إنما يضمنون قيمته في المكان الذي تلف فيه، ويكون لهم الاجر إلى ذلك الموضع. بخلاف القصار وغيره، فهناك لصاحب المتاع الخيار إن شاء ضمنه قيمة متاعه غير معمول، ولا أجر له، لان هناك فسخ العقد باعتبار تفرق الصفقة على العاقد ممكن. فإن إيجاب الضمان على الأجير من وقت القبض بهذا الطريق يتأتى، لأنه لو استهلكه عند ذلك كان ضامنا. فأما هنا لا يمكن بإيجاب الضمان عليهم باعتبار وقت التسليم إليهم، لانهم لو استهلكوا عند ذلك، وهم في دار الحرب، لم يضمنوا