بالاستئجار، فإنه إذا باشر العقد بأكثر من أجر المثل فذلك كله لازم عليه، ليس على الأمير منه شئ. لأنه صار مخالفا بالمحاباة الفاحشة في الاستئجار فينفذ العقد عليه خاصة بمنزلة الشراء، وأما الأمير فالعقد لا ينفذ عليه لأنه لا تلحقه العهدة فيما يحكم به، ونما يشبه الأمير هاهنا القاضي إذا استأجر رجلا يعمل لليتيم عملا بأجر معلوم، فإذا فيه غبن فاحش، فإنه يعطى الأجير أجر مثله ويرد ما بقى على اليتيم، ولا شئ على القاضي، لان استئجاره منه كان على وجه الحكم منه.
1567 ولو قال الأمير والقاضي: فعلنا ذلك ونحن نعلم أنه لا ينبغي لنا أن نفعله. فجميع الاجر عليهما في ماليهما. قال: لأنهما تعمدوا الجور فصارا فيه غير حاكمين.
وبهذا اللفظ يستدل من يزعم أن الحاكم ينعزل بالجور. وليس هذا بمذهب لنا، وقد بينا ذلك فيما أملينا من " شرح الزيادات " في باب التحكيم.
وإنما تأويل ما ذكر هاهنا أن حكمه إنما ينفذ إذا صدر عن دليل شرعي.
وهذا الحكم خلا عن ذلك، فهو بمنزلة القاضي إذا قضى بغير حجة، أو قضى برأيه مخالفا للنص. لا ينفذ قضاؤه، وهو قاض على حاله. فإذا لم ينفذ قضاؤه بهذا الطريق نفذ عقده عليه، على ما هو الأصل أن العقد متى وجد نفاذا على العاقد ينفذ عليه.
وقد ذكرنا في آداب القاضي أن القاضي إذا أخطأ في قضائه فإن كان ذلك في حقوق العباد، فغرم ذلك على من قضى له، وإن كان ذلك في حدود الله فخطأه على بيت المال. وإن قال: تعمدت ذلك كان الغرم عليه في ماله.
فكذا ما صنعه الأمير يكون الحكم فيه ذلك.
1568 ولو استأجر الأمير قوما يسوقون الارماك، فساقوها فعطب منها شئ من سياقهم، أو هلكت في أيديهم. فإن كان