أعطى النظر حقه في هذا المجال، جزاه الله عنا وعن الاسلام أفضل الجزاء، وألحقه بنبيه صلى الله عليه وآله في الدرجة العلى والمرتبة القصوى (1) انتهى.
أقول: وما ذكراه موهون في جلى النظر، إذ ما ذهب إليه البعض من نسبة الخبط إليه من ارتكابه الاحتمالات البعيدة والتوجيهات الغير السديدة، فهذا منه بعيد، فان الباعث على ذلك على ما سمعته من المشايخ العظام أن أهل التسنن ومن هو خارج عن مذهب الإمامية قد شنعوا المذهب الحق، باعتبار ما وقع من اختلاف الآثار وتشتت الاخبار كثيرا، حتى أنه قد قيل: قد خرج من الدين من لم يعرف الغث من السمين بسبب ذلك.
فهم وجد على جمع الاخبار المتعارضة، ثم تعرض لما لا يعمل بظاهره تأويلا لا ينافي المذهب، وإن كان بعيدا عن المطلب، وجعل ذلك جمعا تبرعيا غير مفتى به، أو تعبديا لا يوجب العمل به. وانما الباعث على ذلك عدم التجري والتجاسر في رد الأحاديث النبوية والامامية.
وأما ما ذهب إليه من الاجتهاد في الكتابين والسلوك إلى جادة الصواب من طريقة الاستنباط والتفقه في الدين والتفريع والاستدلال وتهذيب الكلام في الفتاوي، فليس ذلك من السلوك إلى طريقة العامة تقية، أو اشهارا بأن فضلاء الشيعة غير عاجزين عن الاجتهاد والاستدلال.
حاشا ثم حاشا من هذا الخيال، إذ العامة والخاصة في لزوم الاجتهاد وترك التقليد على ما فاز إلى أوجه وصعد من حضيض التقليد إلى مرتبة الاستنباط سيان، وانما الاختلاف في فروع ذلك الأصل بواسطة مدارك كل فرع، فانكار ما هو معلوم الوجوب من مذهبي الخاصة والعامة، من لزوم نفس الاجتهاد والعمل بالظن بعد الجد والجهد أمر لا أرى له حدا، وخطب لا أجد له سدا غير الحمل على المكابرة والعناد، كنسبة العمل بالقياس والاستحسان إلى مثل الشيخ.