الأولى وقت طلوع الشمس سنة سبع وتسعين وخمسمائة، ونشأ بها واشتغل بالتحصيل وقرأ على المشايخ.
ثم اختلج في خاطره الشريف ترويج مذهب أهل البيت عليهم السلام، الا أنه بسبب خروج المخالفين في بلاد خراسان والعراق مع اشتهار مذهبه وانتشار صيت فضله وكمالاته، قد توارى في زاوية التقية والاختفاء في الأطراف حتى علم بأحوال الرئيس ناصر الدين محتشم حاكم قوهستان من أفاضل الزمان وأعاظم وزراء علاء الدين محمد بن جلال الدين حسن ملك الإسماعيلية، فوجه لطائف الحيل إلى المحقق المزبور ليتشرف بصحبته، واغتنم المحتشم بصحبته واستفاد منه عدة فوائد، وصنف المحقق الأخلاق الناصرية وسماه باسمه ومكث عنده زمانا.
ولما كان مؤيد الدين العلقمي الذي هو من أكابر الشيعة في ذلك الزمان وزير المعتصم الخليفة العباسي في بغداد، أراد المحقق دخول بغداد ومعاونته بما اختلج بخاطره من ترويج المذهب الحق بمعونة الوزير المذكور، فأنشد قصيدة عربية في مدح المعتصم، وكتب كتابا إلى العلقمي الوزير ليعرض القصيدة على المعتصم الخليفة ولما علم العلقمي فضله ونبله ورشده خاف من قربه للخليفة أن تسقط منزلته عند المعتصم، فكتب سرا إلى المحتشم أن نصير الدين الطوسي قد ابتدأ بارسال المراسلات والمكاتبات عند الخليفة، وأنشد قصيدة في مدحه فأرسلها حتى أعرضها عليه، وأراد الخروج من عندك، وهذا لا يوافق الرأي فلا تغفل عن هذا.
فلما قرأ المحتشم كتابه حبس المحقق، فلما أراد الخروج إلى علاء الدين ملك الإسماعيلية بحصن الموت صحب المحقق معه، فمكث المحقق عند الملك وكان أهل ذلك الحصن من الملاحدة، وأقام الخواجة معهم ضرورة مدة، وصنف هناك عدة من الكتب، منها تحرير المجسطي وفيه حل عدة من المسائل الهندسية.
ثم لما قرب ايلخان المشهور بهلاكوخان من أولاد جنكيز بقلاع الإسماعيلية لفتح تلك البلاد، خرج ولد الملك علاء الدين من القلعة بإشارة المحقق سرا واتصل بخدمة هلاكو خان، فلما استشعر هلاكو خان كونه لجأ عنده بإذن المحقق ومشورته