في فن آخر، فقال: من أعلمهم بالأصولين، فأشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر، والى الفقيه سعيد الدين محمد بن جهم، فقال: هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام وأصول الفقه، فتكدر الفقيه يحيى بن سعيد وكتب إلى ابن عمه يعتب عليه، وأورد في مكتوبه أبياتا.
لا تهن من عظيم قدر وان * كنت مشارا إليه بالتعظيم فالبيب الكريم ينقص قدرا * بالتعدي على اللبيب الكريم ولع الخمر بالعقول رمى * الخمر بتنجيسها وبالتحريم كيف ذكرت ابن المطهر وابن جهم ولم تذكرني؟ فكتب إليه يعتذر: لو سألك الخواجة في الأصوليين ربما وقفت وحصل لنا الحياء انتهى.
وقال بعض الاجلاء الاعلام من متأخري المتأخرين: رأيت بخط بعض الأفاضل ما صورة عبارته: في صبح يوم الخميس ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وستمائة سقط الشيخ الفقيه أبو القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي من أعلى درجة في داره فخر ميتا لوقته من غير نطق ولا حركة، فتفجع الناس لوفاته، واجتمع لجنازته خلق كثير وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام وسئل عن مولده، فقال سنة اثنين وستمائة.
أقول: وعلى ما ذكره هذا الفاضل فيكون عمر المحقق المذكور أربعا وسبعين سنة تقريبا، وكان شعره في غاية الجودة، ومنه قد كتب إلى أبيه بأبيات ذكرها في اللؤلؤة مع جواب أبيه في مذمة الشعر والنصيحة على تركه، قال المحقق رحمه الله فوقف عند ذلك خاطري حتى كأني لم أقرع له بابا ولم أرفع له حجابا (1) انتهى ما في الكتاب بترك الأبيات وجواب الأب احترازا من الاطناب. ولكن لا يخفى أن ما ذكره في الحدائق الناظرة من استحباب التياسر وتوجيهه المذكور هنا غير وجيه، قد حققنا البحث في المسألة في كتاب الجامع للمقاصد في الفقه، وبينا حرمة التياسر وتزييف ما