والدمار، كل ذلك من آثار بركة العلامة الحلي أعلى الله مقامه العالي.
قال في اللؤلؤة: لو لم يكن له قدس سره الا هذه المنقبة لفاق بها على جميع العلماء فخرا، وعلا بها ذكرا، فكيف ومناقبه لا تعد ولا تحصى، ومآثره لا يدخلها الحصر والاستقصاء.
وبالجملة فإنه بحر العلوم الذي لا يوجد له ساحل، وكعبة الفضائل التي تطوي إليها المراحل. وقد قيل: إنه وزع تصنيفه على أيام عمره من يوم ولادته إلى موته، فكان قسط كل يوم كراسا، مع ما كان عليه من الاشتغال بالإفادة والاستفادة والدرس والتدريس والاسفار، والحضور عند الملوك، والمباحثات مع الجمهور، ونحو ذلك من الاشغال، وهذا هو العجب العجاب الذي لا شك فيه ولا ارتياب.
ونقل بعض متأخري أصحابنا أنه ذكر ذلك عند شيخنا المجلسي، فقال:
ونحن بحمد الله لو عدت تصانيفنا على أيامنا لكانت كذلك، فقال بعض الحاضرين:
ان تصانيف مولانا الآخوند مقصورة على النقل، وتصانيف العلامة مشتملة على التحقيق والبحث بالعقل، فسلم رحمه الله له ذلك، حيث كان الامر كذلك.
وكان قدس سره لاستعجاله في التصنيف وسعة دائرته في التأليف يرتسم كلما خطر بباله الشريف وارتسم بذهنه المنيف، ولا يراجع ما تقدم له من الأقوال والمصنفات، وان خالف ما تقدم منه في تلك الأوقات، ومن أجل ذلك طعن عليه بعض المتخالفين (1) الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فجعلوا ذلك طعنا في أصل الاجتهاد، وهو خروج عن منهج الصواب والسداد، وان غلط بعض المجتهدين - على تقدير تسليمه - لا يستلزم بطلان أصل الاجتهاد متى كان مبنيا على دليل الكتاب والسنة الذي لا يعتريه الايراد.
ودفن شيخنا المذكور في الغري في جوار سيده أمير المؤمنين عليه السلام نقل عن الحلة بعد أن مات فيها إلى ذلك، كما ذكره جملة من الأعيان (1) انتهى.