وقد تلمذ في علم الكلام والفقه والأصول والعربية وسائر العلوم الشرعية عند المحقق نجم الدين أبي القاسم، وعند والده الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي، والمطالب العقلية والحكمية عند أستاد البشر نصير الملة والحق والدين الطوسي، وعلي بن عمر الكاتبي القزويني، وغيرهما من علماء الخاصة والعامة.
ومن اللطائف أنه ناظر أهل الخلاف في مجلس السلطان خدا بندة، وبعد اتمام المناظرة وبيان حقية المذهب الاثنا عشرية، خطب الشيخ قدس الله روحه اللطيفة خطبة بليغة مشتملة على حمد الله والصلاة على رسول الله والأئمة.
فلما استمع ذلك السيد الموصلي الذي هو من جملة المسكوتين بالمناظرة، قال:
ما الدليل على جواز توجه الصلاة على غير الأنبياء فقرأ الشيخ في جوابه بلا انقطاع الكلام (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) فقال الموصلي على طريق المكابرة: ما المصيبة التي أصابت إليهم حتى أنهم يستوجبون بها الصلاة؟ فقال الشيخ: من أشنع المصائب وأشدها أن حصل من ذراريهم مثلك الذي يرجح المنافقين الجهال المستوجبين اللعنة والنكال على آل رسول الملك المتعال، فضحك الحاضرون وتعجبوا من بداهة آية الله في العالمين، وقد أنشد بعض الشعراء:
إذا العلوي تابع ناصبيا * بمذهبه فما هو من أبيه وكان الكلب خيرا منه حقا * لان الكلب طبع أبيه فيه وفي هذه المناظرة المشار إليها صنف كتاب كشف الحق ونهج الصدق، وقد أشار إليه القاضي نور الله في صدر كتابه إحقاق الحق إلى نبذة من أحوال هذه المناظرة وما ألزم العلامة على أئمة المخالفين من الأدلة الباهرة والبراهين النيرة الظاهرة، حتى تشيع السلطان وأتباعه، وخرج من تلك المذاهب الخاسرة.
وانتشر صيت هذا المذهب العالي المنار، وخطب به الخطباء في جميع مملكة السلطان المذكور، ونودي بأسماء الأئمة الطاهرين بالاعلان والاجهار، وسكت أسماءهم على وجوه الدرهم والدينار، ورجعت علماء تلك المذاهب الأربعة بالخزي