سمعت من بعض الاثبات والثقات أنه طاب ثراه يزور سيد الشهداء عليه السلام في كل سنة مكررا، الا أنه يجئ إلى زيارته ماشيا دفعة وراكبا في الأخرى، فذات يوم يمشي في الطريق ويقصر خطوه حرصا لزيادة الثواب، فبينما هو كذلك فيمشي مشية المعجب، فالتفت إلى جزاء هذه الخطوات مما أعد لزيارة مولانا سيد الشهداء، وتعجب في قلبه من هذا الجزاء الجزيل في مقابل اليسير.
فاذن لاقاه عرب، فسأله عن حاله وعن تفكره، فامتنع أولا من الاظهار، فأبرز المطلب بعد الاصرار والابرام، وقال: كيف يعطى الثواب كذا وكذا على مثل خطوة واحدة؟ فشرع العرب في حكاية نافعة مغنية عن جوابه، وهي أن ملكا من الملوك يدور في مملكته لأجل الصيد مع عساكره.
واتفق الغرب له عنهم، فغلب عليه العطش والجوع، فرأى خيمة فذهب إلى أثرها إلى أن وصل إليها وفيها مرأة فقيرة، فلما نزل بها أكرمه كمال الاكرام، ولم يكن لها من الأموال الا شاة واحدة تقنع بها، فذبحها للسلطان من دون علم بكونه سلطانا.
وكان لها ابن يمتنع من ذبح الشاة، فلم ترتدع وتقول له: ان اكرام الضيف مقدم على جميع الأمور، والسلطان يستمع مقالتهما من الأول إلى الآخر.
فلما صرف الغذاء قام ليذهب، فأعطى ابن المرأة خاتما وقال له: اذهب إلى دار السلطان في الغد لا يمنعك الحجاب، ولو منعوك أظهر الخاتم يخلون سبيلك، فإذا لاقيته لعله يعطيك شيئا.
فانصرف السلطان ولحق بعسكره، وقال للحفظة والحجاب: انه يأتي في الغد شاب كذا وكذا وفي يده خاتمي لا تمنعوه من الدخول حتى يصل إلي. فذهب الشاب في الغد إلى دار الملك، فلم يمنعه أحد من حفظة الدور وحجاب القصور، فدخل في مجلسه فأكرمه وآواه إلى جنبه.
ثم بعد صرف الطعام أمر باحضار أمنائه وأطراف مملكته، فحكى لهم ما جرى له مع والدة الشاب واكرامها له، ثم سأل منهم أني أريد الصلة والعوض عن أكرامها،