فما اللايق بالحال؟
فأجاب كل بالاعطاء على حسب همته، فسكت السلطان إلى أن تم كلامهم وختم مرامهم، فارتفع رأسه وقال لهم: لم تجيبوني على مقتضى ميلي ومقصودي، فعرضوا له أنت أبصر بما في قلبك وباطنك وما هو الحقيق بالانعام.
فقال: ان تلك المرأة قد صرفت لي منتهى الوسع والطاقة وتلفت جميع مالها في حقي، وأني لو صرفت لها جميع ما في يدي لكنت مثلها، فلم أزد على اعطائها شيئا، ثم أخذ يد الشاب فأجلسه في محله ووضع تاجه على رأسه، وجعله سلطانا وأمر بالوزراء بالقيام على خدمته، وصير نفسه مثل أحد الخدمة والغلمان.
ثم التفت العرب بعد الحكاية إلى السيد، فقال: ان سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام قد أعطى رأسه ورأس أولاده وعشيرته، وصارت المحجبات الطاهرات مسبيات، ونهبت أمواله في طريق الله تعالى واطاعته والامتثال لامره وترويج شريعة جده، فأصاب بما أصاب، وهو مصيبة أعظم المصيبات، قتلوه عطشانا بشط فرات، وأبي حزنها أن ينقضي أبدا حتى يقوم بأمر الله قائمه.
فكلما يتصور من جزيل اعطائه من عوض هذه المصائب المحرقة لقلوب الشيعة، فهو قليل في جنب عظمته وجلالته، فغاب عن النظر، ثم انتبه السيد بأنه حجة الله على الأرضين.
ومن كراماته أنه قد نقل بعض الثقات عن المحقق القمي حين سأل السيد عما رأى في مدة رياضاته في مسجد السهلة وأصر على اظهاره، فقال: كنت ليلة مشغولا بالعبادة وصلاة الليل، فإذا سمعت صوت أحد يناجي أنينا بلحن حسن، فتأملت في فقرات المناجاة، فلم أجدها في المناجاة والأدعية المأثورة من الأئمة، فعلمت أن المناجي هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه.
فقمت وذهبت إلى أثره، فرأيت في زاوية المسجد المعروفة بمقام الصاحب عليه السلام شخصا، فدنوت إليه ووصلت إلى قرب المقام، فسماني وخاطبني بقف على مكانك كرة بعد مرة، وبعد صدور الخطاب المستطاب فلم أقدر على الحركة والسؤال،