بأربع عشرة سنة، وصرح الشيخ في باب " لم " والعلامة في الخلاصة بروايته عن الصفار، ونص عليه الكاظمي أيضا. ومن البعيد أن يترك الكليني الرواية عنه مع كونه من أعاظم العلماء والمحدثين، ومعروفية كتبه كالبصائر ويروي عن غيره ممن هو في طبقته كابن الحسن البرناني، مع ضعف بعض ومجهولية آخر فتدبر انتهى.
أقول: إن هذه الامارات لا تصير دليلا على تعيين من روى عنه الكليني، بل في رواية الكليني عن الصفار بواسطة العطار يشعر بأنه: اما لم يلقه لبعد مكانهما، أو لم يأخذ منه شيئا، كيف؟ وقد مات الصفار قبل وفاته بأربعين سنة الا سنة، ولذا أدرجناه في طبقة مشايخ مشايخ الكليني. وكون محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد معاصرا له، أو كون وفاته بعد وفاته بسنين لا يوجب النفي فيه وتعيين غيره، إذ ربما يأخذ المعاصر من المعاصر والأكابر من الأصاغر.
وطريق تحصيل الروايات غير طريق تحصيل العلوم، فان الأول مقصور على السماع والتوظيف، والثاني على الاجتهاد المبني على كمال القوة في الاستنباط واستفراغ الوسع والكياسة والمهارة والاطلاع على العلوم المتقدمة على علم الفقه.
ألا ترى أن كثيرا من رجال الأحاديث وحواري الأئمة من أهل الكسب والصناعة والفلاحة، فيوصفون بالسراد والزراد والخزاز وخاصف النعل والعطار والدهقان، ونحوها من الألقاب النسبية والأوصاف، فيجعلون كثرة الرواية من المدح.
نعم يعتبرون فيهم الوثاقة حتى يكونوا مأمونين من الكذب والافتراء، والبصارة والضبط لئلا يشتبه عليهم الامر.
وبالجملة لا يشترط في النقل كون المروي عنه عظيم العلم، وإن كان ذلك موجبا للترجيح في مقام التعارض مع حصول شرائط القبول في المتعارضين.
فللتوقف مجال، فأن من وجدناه في هذه الطبقة ويليق أن يروي عنه الكليني أشخاص: أولها الصفار. وثانيهم: محمد بن الحسن بن الوليد الراوي عن الصفار.
وثالثهم: محمد بن الحسن البرناني الراوي عنه كش والكليني. ورابعهم: محمد بن الحسن القمي، وليس بابن الوليد الا أنه نظيره، كما في " صه " و " لم " وروى عن جميع