ويؤيد التعدد قوله: (وأما المشترك الذي لعبد الرحمن)، إذ علم فيما تقدم أن المشترك عمله عبد الرحمن، وفي الطريقين المشار إليهما أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن فنتي لا محمد " جع ".
قوله: (حدثنا أبو بكر محمد بن يوسف الرازي المقرئ).
الذي يظهر أن الممارس لعلم القرآن من جهة اللفظ من القراءات وما يتعلق بها وهو المراد بالقارئ، ومن جهة المعنى من الأحكام الواقعة فيها وما يتعلق بها وهو المراد بالمفسر، وإذا تصدى لتعليم الناس بمعالم الدين وبيان الشريعة لهم وقرأ عليهم القرآن في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو المقرئ، والمعلم، والنقيب.
وعن محمد بن إسحاق: أن النبي (صلى الله عليه وآله) أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة لتعليمهم القرآن والشريعة ومعالم الإسلام، ولذلك سموه: مقرئ مدينة (1)، انتهى " جع ".
قوله: (وقال أبو عمرو الكشي [في كتاب الرجال: روى أبان عن علي بن الحسين (عليه السلام)]).
والغرض له من إيراد ذلك بيان فضله وسعة علمه وأنه كان مخالطا للعامة ومشاهيرهم، وكان فضله وصدقه متفقا عليه بينهم على نحو وجوده بين أصحابنا. ونقل عن بعض أصحابنا أنه قال: قال صاحب كتاب ميزان الاعتدال في معرفة الرجال:
أبان بن تغلب الكوفي شيعي جلد لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته [...] وكان غاليا في التشيع [...] فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟ وجوابه: أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا أكثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، ولو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة، ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والسخط على أبي بكر وعمر والدعاء إلى ذلك، وهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة (2)، انتهى.
أقول: لا يخفى أن كلمة التوحيد كما لها ثمرة بحسب الآخرة، ثمرة بحسب الدنيا أيضا، وهي أن القائل بها بمجرد لسانه محفوظ الدم والمال - وإن علم نفاقه -، وكذا الإقرار بالرسالة له ثمرة، وهو قبول شهادته مع اجتماعه مع المسلمين وعدم افتراقه عنهم عندهم، وهكذا كان الأمر بينهم أولا وآخرا، وما سواه أمر غير معهود عندهم وهو بدعة لذلك، فمن علم منه التبري عن الخلفاء فلا كرامة له ولا حرمة، وبذلك يذهب عنه كرامة الإسلام وفائدته.