وكان تقسيم الأخبار من مبتدعات العامة أولا، فحيث اطلع أصحابنا عليه استحسنوا ذلك ووضعوا هذه الطريقة بينهم كوضع العامة، وألفوا كتب الرجال والدراية وعملوا في مباحث الأحكام والإيقاعات وما يتعلق بحقوق الناس مما كانت روايات أصحابنا فيه قليلة، فإنه قد يتعلقون برواية ضعيفة وردت في كتاب النوادر لبعض أصحابنا ويجعلونها أصلا في أحكام مختلفة في مواقع شتى من غير تكثير منهم مع ما ترى عملهم في العبادات ونحوها مما في كل مسألة وردت روايات متعددة من الكتب المعتمدة والأصول التي شهدوا بصحة رواياتها ويقولون بترك كثير من تلك الروايات بوجوه ردية.
ومن جملة ذلك: جهالة المشايخ في صدر إسناد الرواية مع القطع بأن ذكرهم ليس إلا للتبرك والاتصال، ومن ذلك: قول بعضهم إن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد واقع في صدر السند ولم يوثقوه - وإن وقع الحكم عن العلامة بصحة الرواية التي هو في إسنادها - لأن الحكم بصحة الرواية اجتهاد والتوثيق من باب الشهادة، وغفلوا من أن هذه الطريقة تناسب أخبارهم لا أخبارنا، ومن العمل بهذه الطريقة يلزم ذهاب كثير من آثار أئمتنا صلوات الله عليهم كما يظهر في الإكليل من عنوان آدم بن يونس عند قولنا: قوله: (ثقة عدل) وكما يظهر من عنوان الحسن بن علي بن زياد عند قولنا: قوله: (وفي عيون أخبار الرضا).
وما ذكروا للتعيين عند الاشتباه والاشتراك غير تام أيضا كما يظهر في الإكليل في فاتحة الكتاب عند قولنا: قوله: (فلأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)) وعند قولنا: قوله: (ولمن لم يرو عنهم (عليهم السلام))، واستنباط كون الرجل ممدوحا أو مذموما من كلام المتقدمين عنهم غير متين كما يظهر في الإكليل من عنوان محمد بن أحمد بن يحيى ومن عنوان عبد الله بن أيوب ومن عنوان محمد بن عيسى بن عبيد عند قولنا:
قوله: (ضعيف).
وبالجملة وضع الاصطلاح الجديد ورعايته ألجأهم إلى القول بأمور لا ينبغي القول بها، ولما كان من المعلوم أن رعاية هذا الاصطلاح ليست مما يجب رعايتها دائما ومن كل وجه بزعمهم حتى أنه لو علم وجود بعض القرائن مما اعتبروه الصدر السابق في تصحيح الأخبار لزمهم ترك تلك القرينة والأخذ بمقتضى الاصطلاح الجديد في تنقيح الرواية.
قال بعض أصحابنا: وأول من سلك هذا المسلك من علمائنا المتأخرين شيخنا العلامة جمال الحق والدين الحسن بن المطهر الحلي قدس الله روحه، ثم إنهم أعلى الله مقامهم ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان، فيصفون مراسيل بعض المشاهير كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى بالصحة لما شاع من أنهم لا يرسلون إلا عمن يثقون بصدقه، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنه