كونه عاميا في موضع آخر. وقد اتضح بما ذكرنا فساد قوله: (لأن صحة الحديث...) " جع ".
قوله: (وعن زرعة صحيح).
اعلم أن طريقة أصحابنا الأقدمين والصدر الأول كان على وجه يظهر في الإكليل من عنوان سالم بن مكرم، ومن عنوان محمد بن أحمد بن يحيى عند قولنا: قوله: (وكان محمد بن الحسن)، وكانوا عاملين بما علم ثبوته عن الأئمة صلوات الله عليهم علما يظهر من الإكليل في عنوان آدم أبو الحسين عند قولنا:
قوله: (فهو على الوجوه ثقة).
وكان هذه الطريقة معمولة وهذا البنيان ثابتا إلى أن آل الأمر إلى قريب غيبته الكبرى، فوقع فيه شيء من الانهدام والاهتزاز كما يظهر من عنوان محمد بن أحمد بن يحيى ومن عنوان محمد بن عيسى بن عبيد، وكان طريقة هذه الطبقة في التوثيق كما يظهر في الإكليل من عنوان آدم بن إدريس.
ثم آل الأمر إلى زمان الآخرين من المتأخرين فوضعوا بينهم الاصطلاح الجديد وسلك فيه شيخ ابن طاوس والعلامة وأضرابهما، وألفوا في ذلك وقسموا الأخبار على الأقسام الأربعة، واعتذروا بأنه لما طالت الأزمنة بينهم وبين الصدر السابق وآل الحال إلى اندراس بعض الكتب والأصول المعتمدة وسلط حكام الجور والضلال وحصل الخوف من إظهارها وانتساخها وانضم إلى ذلك بإجماع ما وصل إليهم من كتب الأصول في الأصول المشهورة في هذا الزمان، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة، واشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة، وخفي عليهم قدس الله أرواحهم كثير من تلك الأمور التي كان سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه بما لا يركن إليه، فاحتاجوا إلى قانون يتميز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها، والموثوق بها عما سواها، فقرروا لنا ذلك الاصطلاح الجديد وقربوا إلينا البعيد، ووضعوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحيح والحسن والموثق.
أقول: ومن تأمل حق التأمل علم أن ما ذكر في مقام الاعتذار ليس بشيء، بل الحق أن في هذه الطبقة الأخيرة اتفقت الاختلاط والألفة بين فقهاء الخاصة والعامة اختلاطا تاما، وألف أصحابنا في الفقه على نحو تأليف العامة وأخذوا في الاحتجاج بحسب أدلتهم واحتجاجهم، ولذلك احتاجوا إلى وضع كتب في أصول الفقه وبيان الأدلة العقلية والقواعد والضوابط بحسب ما وضع علماء العامة والاحتجاج بحسب احتجاجهم.