وكذلك القول في قوله لوكيله: بع سالما لسواده.
هذا بالنظر إلى المفهوم من اللفظة لغة، وحيث لم يقع العتق بغير سالم، ولا جاز بيعه شرعا، فإنما كان لان اللفظ وإن كان له على ذلك دلالة، لكنها غير صريحة، فالشارع قيد التصرف في أملاك العبيد بصريح القول، نظرا لهم في عاقبة الامر، لجواز طرو الندم والبداء عليهم، بخلاف تصرف الشارع في الأحكام الشرعية.
ولهذا، فإنه لو قال الشارع: حرمت الخمر لاسكاره، وقيسوا عليه كل مسكر، لزم منه تحريم كل مسكر. ولو قال لوكيله: بع سالما لسواده، وقس عليه كل أسود، فإنه لا ينفذ تصرفه بذلك.
وإن سلمنا أنه لا عموم في اللفظ، ولكن لم قلتم إنه يمتنع إثبات الحكم لوجود العلة؟
وما ذكرتموه من الوجه الأول، فالعذر عنه ما ذكرناه من تقييد الشارع التصرف في أملاك العبيد بصريح القول دون غيره وما ذكرتموه من الوجه الثاني، فغير صحيح لستة أوجه:
الأول: أن العرف شاهد بأن الأب إذا قال لولده: لا تأكل هذا، فإنه مسموم، وكل هذا، لأنه غذاء نافع، فإنه يفهم منه المنع من أكل كل طعام مسموم، وجواز أكل كل غذاء نافع، ولو أمكن أن يكون لخصوص الإضافة تأثير، أو احتمل أن تكون داخلة في التعليل، لما تبادر إلى الفهم التعميم من ذلك، والأصل تنزيل التصرفات الشرعية على وفق التصرفات العرفية.
الثاني: أن الغالب من العلة المنصوص عليها أن تكون مناسبة للحكم حتى تخرج عن التعبد، ولا مناسبة في خصوص إضافة الاسكار إلى الخمر، بل المناسبة في كونه مسكرا لا غير.
الثالث: أنه لو لم يكن الوصف المنصوص عليه علة بعمومه، بحيث يثبت به الحكم في موضع آخر، بل العلة خصوص إضافة ذلك الوصف إلى محله، لم يكن للتنصيص عليه فائدة، وذلك لان اختصاص الخمر بوصف الاسكار ملازم له غير مفارق، فكان يكفيه أن يقول: حرمت الخمر، لا غير.
الرابع: أن أخذ خصوص إضافة الوصف المنصوص على عليته في التعليل، على خلاف الظاهر في جميع التعاليل، ولهذا فإن عقلاء العرب ما نطقوا بعلة إلا وطردوها