قلنا: احتمال التفاوت وإن كان قائما، غير أن احتمال التساوي راجح، وذلك لأنه يحتمل أن تكون الحكمة التي في الفرع مساوية لما في الأصل، ويحتمل أن تكون راجحة، ويحتمل أن تكون مرجوحة وعلى التقديرين الأولين، فالمساواة حاصلة، وزيادة على التقدير الثاني منهما وإنما تكون مرجوحة على التقدير الثالث، وهو احتمال واحد، ولا يخفى أن وقوع احتمال من احتمالين أغلب وقوعا من احتمال واحد بعينه، فكان الجمع أولى، ثم كيف وقد جعلتم القتل بالمثقل سببا لوجوب القصاص، بالقياس على القتل بالمحدد، وجعلتم اللواط سببا للحد، بالقياس على الزنى، وجعلتم النية في الوضوء شرطا لصحة الصلاة، بالقياس على نية التيمم.
والجواب: أما ما ذكروه من دليل ظهور التساوي في الحكمة، فلا يخلو إما أن يكون ذلك كافيا في الجمع، أو لا يكون كافيا:
فإن كان كافيا، فليجمع بين الأصل والفرع في الحكم المرتب على السبب، ولا حاجة إلى الجمع بالسبب، وإن لم يكن ذلك كافيا، فهو المطلوب.
وما ذكروه من الالزامات، فلا وجه لها.
أما قياس القتل بالثقل على المحدد، فلم يكن ذلك في السببية، وإنما ذلك في إيجاب القصاص بجامع القتل العمد العدوان، وهو السبب لا غير.
وأما قياس اللواط على الزنى، فإنما كان ذلك في وجوب الحد بجامع إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا، محرم شرعا، وذلك هو السبب، مع قطع النظر عن خصوصية الزنى واللواط.
وأما قياس الضوء على التيمم فإنما هو في اعتبار النية بجامع الطهارة المقصودة للصلاة، وذلك هو السبب، لا أن القياس في الاشتراط.
وعلى هذا النحو كل ما يرد من هذا القبيل.