وأدعى إلى القبول، وأن ينتفي الحكم في محل التنصيص عند انتفائها، ولمثل هذه الفائدة يكون التنصيص على الوصف، وإن لم يكن مناسبا للحكم.
وعن الاشكال الرابع: ما ذكرناه في حل الاشكال الأول.
وعن الاشكال الخامس: أنه لا يلزم من إمكان أخذ خصوص المحل في التعليل إبطال القياس، لجواز أن يقوم الدليل على إبطال أخذه في التعليل في آحاد الصور ومهما لم يقم الدليل على ذلك، فالقياس يكون متعذرا.
وعن السادس: أنه إنما فهم تحريم ضرب الوالدين من تحريم التأفيف لهما، نظرا إلى القرينة الدالة على ذلك من إنشاء الكلام وسياقه، لقصد إكرام الوالدين، ودفع الأذى عنهما.
ولا يخفى أن اقتضاء ذلك لتحريم الضرب أشد منه لتحريم التأفيف، ولذلك كان سابقا إلى الفهم من تحريم التأفيف، والتنبيه بالأدنى على الاعلى.
أما أن يكون ذلك مستفادا من نفس اللفظ والتنصيص على العلة بمجرده، فلا.
وعن الاشكال الأخير أنه مهما قال: جعلت شرب المسكر علة للتحريم، فالحكم يكون ثابتا في كل صورة وجد فيها شرب المسكر بالعلة المنصوص عليها بجهة العموم، حتى في الخمر، وذلك من باب الاستدلال، لا من باب القياس، فإنه ليس قياس بعض المسكر هاهنا على البعض، أولى من العكس، لتساوي نسبة العلة المنصوصة إلى الكل، ولا كذلك فيما نحن فيه . وعلى هذا فلا معنى لما ذكره أبو عبد الله البصري من التفصيل بين الفعل والترك، وذلك لأنه لا مانع ولا بعد في تحريم الخمر لشدة الخمر خاصة، دون غيره من المسكرات، ولعلم الله باختصاصه بالحكمة الداعية إلى التحريم، وأن يشرك بين المتماثلات في إيجاب الفعل، أو تركه، أو ندبه، لعلمه باشتراكها في الحكمة الداعية إلى الايجاب والندب.
وأما من أكل سكرا، فلم يأكله لمجرد حلاوته، بل لحلاوته وصدق شهوته عند فراغ معدته، فإذا زالت الشهوة بالاكل، وامتلأت المعدة، وتبدلت الحالة الأولى إلى مقابلها، امتنع لزوم الاكل لكل سكر مرة بعد مرة، حتى إنه لو لم تتبدل الحال، لعم ذلك كل سكر وحلو.