قولكم: لو كان ثم نص لظهر - قلنا: ولو كانوا قائسين لتلك الصور على غيرها، لأظهروا العلل الجامعة فيها، وصرحوا بها كما في النصوص، ولو أظهروها واحتجوا بها، لنقلت أيضا، فعدم نقلها يدل على عدمها. وإذا لم يكن قياس واستنباط، تعين أن يكون المستند إنما هو النص، وليس أحد الامرين أولى من الآخر.
وما نقل عن الصحابة من التصريح بالعمل بالرأي في الوقائع المذكورة، لا يلزم أن يكون قياسا، فإن اجتهاد الرأي أعم من اجتهاد الرأي بالقياس، على ما تقرر، ولا يلزم من وجود الأعم وجود الأخص.
سلمنا أنهم عملوا بالقياس، غير أنا لا نسلم عمل الكل به، فإنه لم ينقل ذلك إلا عن جماعة يسيرة لا تقوم الحجة بقولهم.
قولكم إنه لم يوجد من غيرهم نكير عليهم - لا نسلم ذلك.
وبيان وجود الانكار ما روي عن أبي بكر أنه لما سئل عن الكلالة قال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله برأيي وأيضا ما روي عن عمر أنه قال إياكم وأصحاب الرأي، فإنهم أعداء الدين، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا وقال إياكم والمكايلة فسئل عن ذلك، فقال المقايسة وروي عن شريح أنه قال كتب إلي عمر اقض بما في كتاب الله، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، فاقض بما في سنة رسول الله، فإن جاءك ما ليس في سنة رسول الله فاقض بما أجمع عليه أهل العلم، فإن لم تجد، فلا عليك أن لا تقضي وأيضا ما روي عن علي، رضي الله عنه، أنه قال لعمر في مسألة الجنين إن اجتهدوا فقد أخطؤوا، وإن لم يجتهدوا، فقد غشوك