الرابع والأربعون: أن يكون أحد الاجماعين من الصحابة، والآخر من التابعين، فإجماع الصحابة أولى للثقة بعدالتهم وبعد تقاعدهم عن تحقيق الحق وإبطال الباطل وغلبة جدهم وكثرة اجتهادهم في تمهيد أحكام الشريعة، ولأنه أبعد عن خلاف من خالف في إجماع غير الصحابة. وعلى هذا فإجماع التابعين يكون مقدما على إجماع من بعدهم لقربهم من العصر الأول، ولقوله عليه السلام: خير القرون القرن الذي أنا فيه، ثم الذي يليه فإجماعهم يكون أغلب على الظن.
الخامس والأربعون: أن يكون أحد الاجماعين قد انقرض عصره، بخلاف الآخر، فما انقرض عصره يكون أولى لاستقراره وبعده عن الخلاف.
السادس والأربعون: أن يكون أحدهما مأخوذا عن انقسام الأمة في مسألة من المسائل على قولين في أنه إجماع على نفي قول ثالث، والاجماع الآخر على إثبات القول الثالث، فالاجماع على إثباته أولى، لأنه أبعد عن اللبس وعما يقوله المنازع في الأول من وجوه القدح، ويبديه من الاحتمالات.
السابع والأربعون: أن يكون أحدهما مسبوقا بالمخالفة، بخلاف الآخر، فالذي لم يسبق بالمخالفة أولى لأنه أغلب على الظن وأبعد عن الخلاف.
الثامن والأربعون: أن يكون أحدهما قد رجع بعض المجتهدين فيه عما حكم به، موافقا للباقين لدليل ظهر له، بخلاف الآخر، فما لم يرجع فيه بعض المجتهدين أولى، لبعده عن المناقضة والخلاف فيه.
التاسع والأربعون: أن كون أحدهما إجماع الصحابة، إلا أنه لم يدخل فيه غير المجتهدين، والآخر من إجماع التابعين إلا أنه قد دخل فيه جميع أهل عصرهم، فإجماع الصحابة أولى للوثوق بعدالتهم وزيادة جدهم، كما سبق تقريره، وفي معنى هذا يكون قد رجع واحد من الصحابة عن الواقعة، بخلاف التابعين.
الخمسون: أن يكون أحدهما قد دخل فيه جميع أهل العصر إلا أنه لم ينقرض عصرهم، والآخر بالعكس، فما دخل فيه جميع أهل العصر أولى، لان غلبة الظن فيه متيقنة، واحتمال الرجوع بسبب عدم انقراض العصر موهوم، وفي معناه أن يكون