ما لم ينقرض عصره قد دخل فيه المجتهد المبتدع، أو الأصولي الذي ليس فروعيا، أو الفروعي الذي ليس بأصولي، والآخر بخلافه.
الحادي والخمسون: أن يكون أحدهما غير مأخوذ من انقسام الأمة على قولين، كما سبق، إلا أنه ينقرض عصره، والآخر بعكسه، فالأول أولى، نظرا إلى أن جهة الاجماع فيه أقوى بيقين، أو رجوع الواحد عنه قبل انقراض العصر موهوم، وفي معناه ما إذا كان أحد الاجماعين قد انقرض عصره إلا أنه مسبوق بالمخالفة، والآخر بعكسه.
الثاني والخمسون: أن يكون أحد الاجماعين مأخوذا من انقسام الأمة على قولين إلا أنه غير مسبوق بمخالفة بعض المتقدمين، والآخر بعكسه، فالذي لم يكن مأخوذا من انقسام الأمة على قولين أولى، لقوة الاجماع فيه.
وأما الترجيحات العائدة إلى المدلول.
الأول: منها أن يكون حكم أحدهما الحظر، والآخر الإباحة، وهذا مما اختلف فيه: فذهب الأكثر كأصحابنا وأحمد بن حنبل والكرخي والرازي من أصحاب أبي حنيفة إلى أن الحاظر أولى، وذهب أبو هاشم وعيسى بن أبان، إلى التساوي والتساقط. والوجه في ترجيح ما مقتضاه الحظر أن ملابسة الحرام موجبة للمأثم بخلاف المباح، فكان أولى بالاحتياط.
ولهذا فإنه لو اجتمع في العين الواحدة حظر وإباحة، كالمتولد بين ما يؤكل وما لا يؤكل، قدم التحريم على الإباحة، وكذلك إذا طلق بعض نسائه بعينها، ثم أنسيها، حرم وطئ الجميع، تقديما للحرمة على الإباحة وإليه الإشارة بقوله عليه السلام ما اجتمع الحلال والحرام، إلا غلب الحرام الحلال وقال عليه السلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك غير أنه قد يمكن ترجيح ما مقتضاه