التاسع والثلاثون: أن يكون أحد المنقولين الظاهرين إجماعا والآخر نصا، وسواء كان من الكتاب أو السنة، فالاجماع مرجح، لان النسخ مأمون فيه بخلاف النص.
الأربعون: أن يكونا إجماعين ظاهرين إلا أن أحدهما قد دخل فيه جميع أهل العصر، والآخر لم يدخل فيه سوى أهل الحل والعقد: فالذي دخل فيه الجميع أولى، لأنه أغلب على الظن وأبعد عن الخلاف فيه.
الحادي والأربعون: أن يكون أحدهما قد دخل فيه مع أهل الحل والعقد الفقهاء الذين ليسوا أصوليين، والأصوليون الذين ليسوا فقهاء، وخرج عنه العوام، والآخر بالعكس، فالأول أولى لقربهم من المعرفة والإحاطة بأحكام الشرع واستنباطها من مداركها، وبهذا المعنى يكون أيضا ما دخل فيه الأصولي الذي ليس بفقيه، ولم يدخل فيه الفقيه، أولى مما هو بالعكس، لان الأصولي أعرف بمدارك الاحكام وكيفية تلقي الاحكام من المنطوق والمفهوم والامر والنهي وغيره.
الثاني والأربعون: أن يكون أحدهما قد دخل فيه المجتهد المبتدع الذي ليس بكافر، بخلاف الآخر، فما دخل فيه المجتهد المبتدع أولى، لان الظاهر من حاله الصدق، ولأنه أبعد عن الخلاف.
الثالث والأربعون: أن يكون أحدهما قد دخل فيه المجتهد المبتدع، دون العوام والفروعيين الذين ليسوا أصوليين، والأصوليون الذين ليسوا فروعيين، والآخر بعكسه، فما دخل فيه المجتهد المبتدع أولى، إذ الخلل في قوله إنما هو من جهة كذبه فيما يقول، والخلل في قول من عداه من المذكورين إنما هو من جهله وعدم إحاطته وعدم كماله. ولا يخفى أن احتمال وقوع الخلل بجهة الكذب من الفاسق لحرمته وتعلق الاثم به أنذر من الخلل الناشئ بسبب الجهل وعدم الإحاطة.