كيف وإن الأمة الاسلامية معصومة عن الخطأ، على ما عرف. فلو كان الاختلاف مذموما ومحذورا على الاطلاق، لكانت الصحابة مع اشتهار اختلافهم وتباين أقوالهم في المسائل الفقهية، مخطئة، بل الأمة قاطبة، وذلك ممتنع.
وعلى هذا، فيجب حمل ما ورد من ذم الاختلاف والنهي عنه، على الاختلاف في التوحيد والايمان بالله ورسوله والقيام بنصرته، وفيما المطلوب فيه القطع دون الظن، والاختلاف بعد الوفاق، واختلاف العامة ومن ليس له أهلية النظر والاجتهاد، وبالجملة كل ما لا يجوز فيه الاختلاف جمعا بين الأدلة بأقصى الامكان وقوله تعالى: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (النساء: 82) إنما المراد به نفي التناقض والاضطراب والاختلاف المناقض للبلاغة عن القرآن، لا نفي الاختلاف في الأحكام الشرعية.
وأما إنكار عمر على ابن مسعود وأبي بن كعب، فيجب أيضا حمله على اختلافهما فيما سبق فيه الاجماع، أو على اختلافهما بالنظر إلى مستفت واحد حذرا من تحيره.
وأما قول جرير لعلي وعمر عند اختلافهما في مسألة المتعة، فيجب حمله على ما ظنه من إفضاء ذلك إلى فتنة وثوران أمر.
وأما ما كتبه علي إلى قضاته، فيجب حمله أيضا على خوفه من انفتاق فتق بسبب نسبته إلى تعصب لمخالفة من سبق.
وعن الثالثة: باختيار تصويب كل مجتهد بناء على أن الحكم عند الله تعالى في حق كل واحد ما أدى إليه اجتهاده وذلك مما لا يمنع من كون الشئ ونقيضه حقا