فحينئذ يجب على الناسي ما سوى المنسي من دون أن يتوجه إليه خطاب بعنوان الناسي كي يتذكر وينقلب الموضوع ويخرج عن تحت الخطاب الموجه إليه.
(وحاصل النحو الثاني) أن يوجه الخطاب إلى الناسي بما سوى المنسي لكن لا بعنوان الناسي كي يتذكر وينقلب الموضوع بل بعنوان يلازم الناسي وقد اشتهر التمثيل له بعنوان البلغمي فحينئذ يأتي الناسي بما أمر به من دون أن يتذكر وينقلب الموضوع.
(أقول) هذا مضافا إلى انه لا يجب أن يوجه الخطاب إلى الناسي الخارجي ويقال له أيها الناسي يجب عليك الإتيان بما سوى المنسي كي يتذكر وينقلب الموضوع بل يتعلق التكليف بكلي الناسي ويقال إن الناسي يجب عليه الإتيان بما سوى المنسي مثل ما يقال المستطيع يحج أو المسافر يقصر وهكذا نعم لا يمكنه الناسي الخارجي الإتيان بما سوى المنسي بداعي هذا الأمر المتوجه إلى كلي الناسي إذ لا يرى نفسه من صغرياته المندرجة فيه كي يأتي بما سوى المنسي بداعي هذا الأمر ولكن لا يضر ذلك بصحته إذ لا يشترط عقلا في صحة توجيه الخطاب إمكان داعويته للمخاطب بل يكفي في صحته مقدورية متعلقه للمخاطب وتظهر نتيجة الخطاب وثمرته بعد الإتيان بالفعل ورفع النسيان عن الناسي فإنه يعرف حينئذ أنه كان ناسيا وأن الناسي كان يجب عليه الإتيان بما سوى المنسي وقد أتى به فلا شيء عليه فعلا من الإتيان به ثانيا إعادة أو قضاء.
(وبالجملة) إن الأمر بالصلاة أمر بالأجزاء والشرائط الكثيرة وهو متوجه إلى الناس عامة فإذا كان دليل بعض الاجزاء لبيا وشك في ثبوته للناسي فالبراءة مما ترفعه وتكون حاكمة على دليل الصلاة تعينها للناسي في خصوص الأقل فلا يبقى موجب للإعادة أو القضاء عليه بعد رفع نسيانه أصلا.