مفروض الوجوب (1) بمعنى عدم الدعوة إليه، لأ أنه غير اختياري للمكلف.
أما عدم تحقق وجوب الموقت قبل الوقت فلامتناع البعث قبل الوقت.
والسر واضح، لأن البعث حتى البعث الجعلي منه يلازم الانبعاث إمكانا ووجودا، فإذا أمكن الانبعاث أمكن البعث وإلا فلا، وإذ يستحيل الانبعاث قبل الوقت استحال البعث نحوه حتى الجعلي. ومن أجل هذا نقول بامتناع الواجب المعلق، لأ أنه يلازم انفكاك الانبعاث عن البعث.
وهذا بخلاف المقدمة قبل وقت الواجب، فإنه يمكن الانبعاث نحوها فلا مانع من فعلية البعث بالنظر إليها لو ثبت، فعدم فعلية الوجوب قبل زمان الواجب إنما هو لوجود المانع، لا لفقدان الشرط، وهذا المانع موجود في ذي المقدمة قبل وقته مفقود في المقدمة.
ويتفرع على هذا فرع فقهي، وهو: أنه حينئذ لا مانع في المقدمة المفوتة العبادية كالطهارات الثلاث من قصد الوجوب في النية قبل وقت الواجب لو قلنا بأن مقدمة الواجب واجبة.
والحاصل: أن العقل يحكم بلزوم الإتيان بالمقدمة المفوتة قبل وقت ذيها ولا مانع عقلي من ذلك.
هذا كله من جهة إشكال انفكاك وجوب المقدمة عن وجوب ذيها.
وأما من جهة إشكال استحقاق العقاب على ترك الواجب بترك مقدمته مع عدم فعلية وجوبه، فيعلم دفعه مما سبق، فإن التكليف بذي المقدمة الموقت يكون تام الاقتضاء وإن لم يصر فعليا لوجود المانع وهو عدم حضور وقته. ولا ينبغي الشك في أن دفع التكليف مع تمامية اقتضائه تفويت لغرض المولى المعلوم الملزم. وهذا يعد ظلما في حقه وخروجا عن زي الرقية وتمردا عليه، فيستحق عليه العقاب واللوم من هذه الجهة وإن لم يكن فيه مخالفة للتكليف الفعلي المنجز.