المسألة الأولى الإجزاء (1) تصدير:
لاشك في أن المكلف إذا فعل بما أمر به مولاه على الوجه المطلوب - أي أتى بالمطلوب على طبق ما أمر به جامعا لجميع ما هو معتبر فيه من الأجزاء أو الشرائط شرعية أو عقلية - فإن هذا الفعل منه يعتبر امتثالا لنفس ذلك الأمر، سواء كان الأمر اختياريا واقعيا، أو اضطراريا، أو ظاهريا.
وليس في هذا خلاف أو يمكن أن يقع فيه الخلاف.
وكذا لاشك ولا خلاف في أن هذا الامتثال على تلك الصفة يجزئ ويكتفى به عن امتثال آخر، لأن المكلف - حسب الفرض - قد جاء بما عليه من التكليف على الوجه المطلوب، وكفى.
وحينئذ يسقط الأمر الموجه إليه، لأ أنه قد حصل بالفعل ما دعا إليه وانتهى أمده. ويستحيل أن يبقى بعد حصول غرضه وما كان قد دعا إليه، لانتهاء أمد دعوته بحصول غايته الداعية إليه، إلا إذا جوزنا المحال وهو حصول المعلول بلا علة (2).
فإن هذا قطعي - كما قلنا في المتن - وإنما الذي يصح أن يقال ويبحث عنه ففي جواز الامتثال مرة أخرى بدلا عن الامتثال الأول على وجه يلغى الامتثال الأول ويكتفى بالثاني.
وهو خارج عن مسألة الإجزاء، ويعبر عنه في لسان الأصوليين بقولهم: " تبديل الامتثال بالامتثال " وقد يتصور الطالب أن هذا لا مانع منه عقلا، بأن يتصور أن هناك حالة منتظرة بعد الامتثال الأول، بمعنى أن نتصور أن الغرض من الأمر لم يحصل بمجرد الامتثال الأول، فلا يسقط عنده الأمر، بل يبقى مجال لامتثاله ثانيا، لا سيما إذا كان الامتثال الثاني أفضل.
ويساعد على هذا التصوير أنه قد ورد في الشريعة ما يؤيد ذلك بظاهره مثل ما ورد في باب إعادة من صلى فرادى عند حضور الجماعة: " إن الله تعالى يختار أحبهما إليه " (1).
والحق عدم جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر، لأن الإتيان بالمأمور به بحدوده وقيوده علة تامة لحصول الغرض، فلا تبقى حالة منتظرة بعد الامتثال الأول، فيسقط الأمر لانتهاء أمده كما قلنا في المتن.
وأما ما ورد في جواز ذلك فيحمل على استحباب الإعادة بأمر آخر ندبي، وينبغي أن يحمل قوله (عليه السلام): " يختار أحبهما إليه " على أن المراد: يختار ذلك في مقام إعطاء الثواب والأجر، لا في مقام امتثال الأمر الوجوبي بالصلاة [وأن الإمتثال يقع بالثاني] (2).