به بالأمر الاضطراري أو الظاهري وبين الإجزاء والاكتفاء به عن امتثال الأمر الأولى الاختياري الواقعي.
وقد عبر بعض علماء الأصول المتأخرين عن هذه المسألة بقوله: هل الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء أو لا يقتضي؟ (1) والمراد من " الاقتضاء " في كلامه: الاقتضاء بمعنى العلية والتأثير، أي أنه هل يلزم - عقلا - من الإتيان بالمأمور به سقوط التكليف شرعا أداء وقضاء؟
ومن هنا تدخل هذه المسألة في باب الملازمات العقلية، على ما حررنا البحث في صدر هذا المقصد عن المراد بالملازمة العقلية. ولاوجه لجعلها من باب مباحث الألفاظ، لأن ذلك ليس من شؤون الدلالة اللفظية.
وعلينا أن نعقد البحث في مقامين: الأول في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري. الثاني في إجزاء المأمور به بالأمر الظاهري.
المقام الأول الأمر الاضطراري وردت في الشريعة المطهرة أوامر لا تحصى تختص بحال الضرورات وتعذر امتثال الأوامر الأولى أو بحال الحرج في امتثالها، مثل التيمم ووضوء الجبيرة وغسلها، وصلاة العاجز عن القيام أو القعود، وصلاة الغريق.
ولا شك في أن الاضطرار ترتفع به فعلية التكليف، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. وقد ورد في الحديث النبوي المشهور الصحيح " رفع عن أمتي ما اضطروا إليه " (2).