وهذا لا يشبه دفع مقتضى التكليف كعدم تحصيل الاستطاعة للحج، فإن مثله لا يعد ظلما وخروجا عن زي الرقية وتمردا على المولى، لأ أنه ليس فيه تفويت لغرض المولى المعلوم التام الاقتضاء. والمدار في استحقاق العقاب هو تحقق عنوان " الظلم للمولى " القبيح عقلا.
- 9 - المقدمة العبادية ثبت بالدليل أن بعض المقدمات الشرعية لا تقع مقدمة إلا إذا وقعت على وجه عبادي، وثبت أيضا ترتب الثواب عليها بخصوصها. ومثالها منحصر في الطهارات الثلاث: الوضوء والغسل والتيمم.
وقد سبق في الأمر الثاني الإشكال فيها من جهتين: من جهة أن الواجب الغيري لا يكون إلا توصليا، فكيف يجوز أن تقع المقدمة بما هي مقدمة عبادة ومن جهة ثانية: أن الواجب الغيري بما هو واجب غيري لا استحقاق للثواب عليه.
وفي الحقيقة أن هذا الإشكال ليس إلا إشكالا على أصولنا التي أصلناها للواجب الغيري فنقع في حيرة في التوفيق بين ما فهمناه عن الواجب الغيري وبين عبادية هذه المقدمات الثابتة عباديتها. وإلا فكون هذه المقدمات عبادية يستحق الثواب عليها أمر مفروغ عنه لا يمكن رفع اليد عنه.
فإذا، لابد لنا من تصحيح ما أصلناه في الواجب الغيري بتوجيه عبادية المقدمة على وجه يلائم توصلية الأمر الغيري. وقد ذهبت الآراء أشتاتا في توجيه ذلك.
ونحن نقول على الاختصار: إنه من المتيقن الذي لا ينبغي أن يتطرق إليه الشك من أحد أن الصلاة - مثلا - ثبت من طريق الشرع توقف صحتها