على القول بهما، يتفرعان على اعتقاد المكلف، فلا ينطبق شئ منهما على القول بالوضع للصور الذهنية، لعدم ابتنائه على أخذ الاعتقاد في الوضع، بل مبناه - على ما ظهر بما لا مزيد عليه - على جعل مسميات الألفاظ صور الأشياء المنطبعة في الأذهان، من حيث إنها صورها لا من حيث إنها يعتقدها المعتقد، أو يدركها المدرك، بل لا من حيث ارتساماتها فضلا عن الاعتقاد.
وثالث ما يرد عليه: أن تفرع الإجزاء في نحو المثال والتصويب في الموضوعات على الاعتقاد لو صح وسلم أوفق بالقول بالأمور الخارجية، لأن الاعتقاد في مثال " إكرام زيد " إنما يتعلق بعمرو على أنه زيد خارجي، لا على أنه صورة زيد المنطبعة في الذهن، كما أنه في نحو مثال " القبلة " يتعلق بكل جهة على أنها قبلة خارجية، لا على أنها صورتها المرتسمة في الذهن.
ورابع ما يرد عليه: أن القائل بالصور الذهنية يوافق القائل بالأمور الخارجية في منع الإجزاء والتصويب في نحو موردي المسألتين، لأنهما يتوافقان في الإذعان بتعلق نحو هذه الأحكام بالأمور الخارجية، غير أن القائل بالأمور الخارجية يزعمه باعتبار الوضع، والقائل بالصور الذهنية يزعمه باعتبار القرينة، فإنه يجعل نحو الإكرام والاستقبال في الصلاة من باب قرينة المجاز، كما تقدم منه نظير ذلك في رد احتجاج القائل بالأمور الخارجية بنحو دخلت الدار، وأكلت الخبز وشربت الماء إلى آخر الأمثلة.
وخامس ما يرد عليه، منع استلزام القول بالصور الذهنية للإجزاء في الأمر الظاهري العقلي، والتصويب في الموضوعات، لأن الظاهر أنه يشترط في الصور الذهنية المأخوذة في وضع الألفاظ مطابقتها للأمور الخارجية وانطباقها عليها، فالآتي بإكرام عمرو باعتقاد أنه زيد غير آت بالمأمور به على وجهه على هذا القول أيضا، كما أنه لا يستلزم تعدد الموضوع له بتعدد الصور، واختلافه باختلاف الأذهان.
* * *