بأن ليس الغرض من وضع الألفاظ المفردة إفادة معانيها وإلا لزم الدور، وقضية التعريف حيث أخذ الدلالة غرضا للتعيين بمقتضى " لام " الغاية، فإن الإفادة ليست إلا الدلالة، فكيف يجتمع نفي كونها غرضا مع إثبات كونها غرضا في تعريف الوضع.
ووجه الاندفاع: بعد البناء على صحة توهم الدور فيما قالوه: إن المراد " بالإفادة " في موضوع القاعدة المذكورة ما ينطبق على الفهم التصوري، و " بالدلالة " في تعريف الوضع هو الفهم التصديقي بالمعنى المتقدم فلا منافاة، لتعدد موضوعي القاعدتين، مع اختصاص لزوم الدور بالأول دون الثاني.
أما تقريره في الأول - على ما زعموه -: أن تصور معنى اللفظ متوقف على العلم بوضع اللفظ له، لاستحالة الفهم من الجاهل، والوضع لكونه نسبة بين اللفظ والمعنى فالعلم به متوقف على تصور اللفظ وتصور المعنى، فينتج أن تصور المعنى متوقف على تصور المعنى.
وأما عدم لزومه في الثاني، فلأن التصديق بكون المعنى مرادا وإن توقف على العلم بالوضع، ولكن العلم بالوضع لا يتوقف عليه، بل على تصور اللفظ والمعنى، وهو لا يتوقف على التصديق المذكور، بل التصديق المذكور كالوضع يتوقف على تصورهما فلا دور.
وأما أن الإفادة في مورد القاعدة المذكورة عبارة عما ينطبق على الدلالة التصورية، فلأن الدور المتوهم هنا هو الدور الذي توهم في قولهم: بتوقف الدلالة - بعد تفسيرها بفهم المعنى من اللفظ - على العلم بالوضع، وكلامهم صريح في كون الدور ثمة مفروضا في الدلالة بمعنى التصور.
وإن شئت لاحظ كلام التفتازاني في المطول (1) حيث قرره: بأنه لو توقف فهم المعنى من اللفظ على العلم بالوضع لزم الدور، لأن العلم بالوضع موقوف على فهم