التنصيف أزيد من مرة إلى أن ينتهي إلى الواحد إذا اخذ مع مقابليه المتقدمين على وجه الترديد عرضا ذاتيا للعدد لعدم خلوه عن أحدها، ولولا ذلك لانتقضت القاعدة بأكثر مسائل العلوم بأسرها، لكون موضوعاتها أنواعا لموضوع العلم مع عدم مساواة محمول كل نوع بانفراده له، كما يظهر بالتأمل.
وليس ذلك من باب ما يلحق الموضوع بواسطة أمر خارج أخص ليكون من الأعراض الغريبة، لأن موضوعات هذه المحمولات المتقابلة وإن كانت أمور متقابلة، غير أنها إذا اعتبرت مجتمعة كانت مساوية للموضوع، فيكون محمولاتها اللاحقة له على الوجه المذكور مما يلحقه بواسطة أمر مساو، بناء على حمل الواسطة المساوية له على ما يعم المساوي له بحسب الحقيقة أو بحسب الاعتبار، فيكون محموله المعتبر كونه مساويا له أعم مما ينحل إليه محمولات المسائل على طريق الترديد.
وعليه فليحمل ما يكون محمول نوعه بالقياس إليه عرضا غريبا على ما ليس له بحسب الخارج إلا نوع واحد أو على ما لا محمول بحيث اخذ مسألة في العلم إلا لأحد أنواعه، أو على ما لو اخذ محمول بعض الأنواع بالقياس إليه بشرط الانفراد، بناء على أن كونه بهذا الاعتبار عرضا غريبا بالقياس إليه، لكونه أخص منه غير شامل لجميع أفراده لا ينافي كونه بشرط الانضمام إلى محمولات سائر الأنواع على وجه الترديد من الأعراض الذاتية، وعليه فلا حاجة إلى حمل كلام المتأخرين في تعريف الموضوع حيث لم يأخذوا فيه إلا الأعراض الذاتية على المسامحة، كما صنعه المحقق الدواني، كما لا حاجة إلى تكلف حمله على البناء على الفرق بين محمول العلم ومحمول المسألة، كالفرق بين موضوعيهما، بدعوى:
أن محمول العلم ما كان عرضا ذاتيا لموضوعه بخلاف محمول المسألة، فإنه ربما لا يكون عرضا ذاتيا له، كما إذا كان موضوعها نوعا من موضوع العلم، فإن محمول المسألة على هذا التقدير إنما لا يكون عرضا ذاتيا لموضوع العلم إذا اخذ بانفراده، وأما إذا اخذ مع ما يقابله على نحو الترديد فقد عرفت أنه يكون حينئذ