معراة عن وصف الدليلية، ومنهم بعض الفضلاء (1) قائلا: وأما بحثهم عن حجية الكتاب وخبر الواحد فهو بحث عن الأدلة، لأن المراد بها ذات الأدلة لا هي مع وصف كونها أدلة، فكونها أدلة من أحوالها اللاحقة لها. انتهى.
وفي جميع ذلك من التعسف ما لا يخفى على المنصف، والذي يرشد إليه التحقيق ويساعد عليه النظر الدقيق، منع خروج هذه المسائل عن وضع المسائل الأصولية الباحثة عن الأدلة الظاهرة فيها بوصفها العنواني، وليس في شئ من ذلك ما يرتبط بالأصول الكلامية ولا ما يقضى بكون البحث فيها لاحقا بذوات الأدلة معراة عن وصف الدليلية، وإن كان البحث عن الحجية نفيا وإثباتا يرجع إلى البحث عن الدليلية، وصلاحية المورد للطريقية التي مرجعها إلى الملازمة بينه وبين مدلوله.
وتوضيحه: أن الملازمة المقصودة من الدليلية والطريقية قد تفرض فيما بين الحكم الشرعي وما ادعي كونه دليلا عليه وطريقا إليه، كالملازمة فيما بينه وبين السنة المفسرة بقول المعصوم أو فعله أو تقريره، أو بينه وبين قول الله سبحانه الخالي عن الإجمال والمنع الطارئ عن العمل به.
وقد تفرض فيما بين طريق الحكم الشرعي الثابت كونه طريقا إليه بالفرض وبين ما ادعي كونه طريقا إلى إحراز هذا الطريق، كالملازمة فيما بين قول المعصوم أو رأيه وإجماع العلماء على طرق الخاصة، ومثلها الملازمة فيما بين السنة وبين نقل العدل الواحد لها مثلا، أو بين قول الله تعالى والنقل الغير العلمي لهذا القول.
وقد تفرض فيما بين طريق طريق الحكم الشرعي الثابت كونهما طريقين وما ادعي كونه طريقا إلى إحراز طريق الطريق، كالملازمة فيما بين الإجماع بعد البناء على كونه دليلا لكشفه عن قول المعصوم أو رأيه وبين نقله الغير البالغ حد التواتر.