قلت: لا نسلم بطلان ذلك - أي: بطلان الصلاة بإيقاع بعض أجزائها الواجبة على وجه الندب، وبالعكس - إذا تحققت نية القربة، غايته كونه آثما في اعتقاده (1) خلاف الواقع، وليس النهي متعلقا بنفس الصلاة، أو بشئ من أجزائها، بل ولا بصفاتها اللازمة، كما لا يخفى.
وعلى تقدير التسليم: فيمكن عدم نية الوجه في مثل تلك الأفعال، بل الاقتصار على قصد القربة، وكونه مشغولا بالصلاة، إذ لا دليل على تعيين نية الوجه في تفاصيل أجزاء الصلاة، ولهذا لم يذهب إليه أحد من العلماء - وإن ذهب البعض إلى البطلان مع نية الوجه المخالف للواقع - ولذا لم يذهب أحد إلى بطلان صلاة الذاهل عن الوجه في أجزاء الصلاة.
مع: أنه لا يتم القول بالبطلان - بوجه - على تقدير صحة تجزي الاجتهاد، فإن من اجتهد في أمر النية وظهر عليه أن لا يعتبر نية الوجه في أجزاء الصلاة، ثم أتى بالصلاة على الوجه المذكور (2)، فحينئذ لا يتصور القول ببطلان صلاته بوجه.
الثانية: لو وقعت العبادة موافقة لحكم الشرع في نفس الامر، واقترنت بنية القربة: مثلا: من صلى وترك قراءة السورة في الصلاة، بمجرد تقليد مثله من العوام، فلا يمكن للمجتهد المعتقد استحباب السورة، الحكم ببطلان تلك الصلاة، إذ ليس النهي عنده متعلقا بصلاة ذلك المصلي، بل بتقليده لمثله كما مر.
وعلى هذا، فلا يمكن الحكم ببطلان صلاة من كانت صلاته موافقة لشئ من أخبار الأئمة عليهم السلام المعمول به، أو لقول من أقوال الفقهاء المعتمدين شرعا، وإن لم يكن ذلك المصلي إلا مقلدا لمثله، بمجرد حسن الظن