القسم الخامس:
التمسك بعدم الدليل، فيقال: عدم الدليل على كذا، فيجب انتفاؤه.
قال في المعتبر: " وهذا يصح فيما علم أنه لو كان هناك دليل لظفر به.
أما لا مع ذلك: فيجب التوقف، ولا يكون ذلك الاستدلال حجة " (1).
وكلامه في غاية الجودة، ففيما تعم به البلوى: يمكن التمسك بهذه الطريقة، وأما في غيره فيحتاج إلى المقدمتين المذكورتين، ولا يتم إلا ببيانهما، مع استحالته عندنا، لما عرفت، فلا نعيده.
قال في الذكرى: " ومرجع هذا القسم إلى أصالة البراءة " (2).
والظاهر: أن الفقهاء يستدلون بهذه الطريقة على نفي الحكم الواقعي، وبأصالة البراءة على عدم تعلق التكليف، وإن كان هناك حكم في نفس الامر، فلذا عدا قسمين.
واختلف العامة في: أن عدم المدرك، هل هو مدرك شرعي لعدم الحكم؟ أو لا؟ (3).
وقد عرفت مما مر جلية الحال.
والحق عندنا: أنه لا توجد واقعة إلا ولها مدرك شرعي، ببركات أئمة الهدى عليهم السلام، ولا أقل من اندراجها في: " ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم "، وفي: " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي "، وفي: اخبار التوقف، وغير ذلك مما مر، فلا تغفل (4).